{وَاتَّقُوا اللهَ:} خافوه، وقفوا عند حدوده. {إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ:} لا يحتاج إلى عد، ولا إلى عقد، ولا إلى إعمال فكر، كما يفعله الحسّاب، ولهذا قال في سورة (الأنبياء): {وَكَفى بِنا حاسِبِينَ} وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في دعائه يوم الأحزاب: «اللهمّ منزّل الكتاب سريع الحساب...» والمعنى: أنّه تعالى لا يشغله شأن عن شأن، فكما يرزقهم في ساعة واحدة؛ يحاسبهم كذلك في ساعة واحدة. قال تعالى في سورة (لقمان): {ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}. وقيل للإمام علي-رضي الله عنه-: كيف يحاسب الله العباد في يوم؟ قال: كما يرزقهم في يوم. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إذا أخذ الله في حسابهم لم يقل أهل الجنة إلا فيها، ولم يقل أهل النار إلا فيها. هذا؛ ويقيل من القيلولة، وهي الاستراحة وقت الظهيرة، ومعنى الحساب، وفائدته: تعريف الله العباد مقادير الجزاء على أعمالهم، وتذكيره إيّاهم ما قد نسوه بدليل قوله تعالى في سورة (المجادلة): {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ}.
هذا؛ وقد دلّت الآية على جواز اتخاذ الكلاب، واقتنائهما للصيد. وثبت ذلك في صحيح السّنّة، وزادت الحرث، والماشية، وقد كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم في أول الإسلام قد أمر بقتل الكلاب؛ حتى كان يقتل كلب المرأة من البادية يتبعها.
فعن ابن عمر-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من اقتنى كلبا، إلاّ كلب صيد، أو ماشية؛ نقص من أجره كلّ يوم قيراطان» رواه مالك، والبخاري، ومسلم، والترمذيّ، والنسائي.
وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أمسك كلبا، فإنّه ينقص من عمله كلّ يوم قيراط إلاّ كلب حرث، أو ماشية». رواه البخاريّ، ومسلم. وجعل النقص من أجر من اقتناها على غير ذلك من المنفعة، إمّا لترويع الكلب المسلمين، وتشويشه عليهم بنباحه، كما قال زياد الأعجم، وقد نزل بعمّار، فسمع لكلابه نباحا، فأنشأ يقول:[لطويل]
نزلنا بعمّار فأشلى كلابه... علينا فكدنا بين بيتيه نؤكل
فقلت لأصحابي أسرّ إليهم... أذا اليوم أم يوم القيامة أطول
وإما لمنع دخول الملائكة البيت، كما ورد في الأحاديث الصّحيحة. أو لنجاسته، كما يراه الشافعي-رضي الله عنه-. وقال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في إحدى الرّوايتين: قيراطان، وفي الأخرى قيراط، وذلك يحتمل أن يكون في نوعين من الكلاب: أحدهما أشدّ أذى من الآخر، كالأسود الذي أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بقتله، ولم يدخله في الاستثناء حين نهى عن قتلها، فقال:«عليكم بالأسود البهيم ذي النّقطتين، فإنّه شيطان». أخرجه مسلم. ويحتمل أن يكون ذلك لاختلاف المواضع، فيكون ممسكه بالمدينة، أو بمكّة قيراطان، وبغيرهما قيراط، والله أعلم.