أبدلت الفتحة ضمة لتدلّ على الواو المحذوفة، فصار: قلتم. وهناك إعلال آخر، وهو أن تقول:
أصل الفعل: قول، فلمّا اتصل به ضمير رفع متحرك، نقل إلى باب: فعل، فصار:(قولتم)، ثمّ نقلت حركة الواو إلى القاف قبلها، فصار:(قولتم) فالتقى ساكنان: العين المعتلّة ولام الفعل، فحذفت العين، وهو الواو لالتقائهما ساكنين، فصار (قلتم)، وهكذا قل في إعلال كل فعل أجوف، واوي، مسند إلى ضمير رفع متحرك، مثل: قمت، وقمنا، وقمن.
هذا؛ و (ذات) بمعنى صاحبة، فجعلت صاحبة الصدور لملازمتها، وعدم انفكاكها عنها، نحو قوله تعالى:{أَصْحابُ الْجَنَّةِ،}{أَصْحابُ النّارِ}. هذا؛ و (ذات) مؤنث «ذو» الذي هو بمعنى صاحب، وقد يثنّى على لفظه، فيقال: ذاتا، أو ذاتي، كذا من غير ردّ لام الكلمة، وهو القياس، كما يثنّى «ذو» ب: «ذوا» أو «ذوي» على لفظه. ويجوز فيها (ذواتا) على الأصل بردّ لام الكلمة، وهي الياء ألفا لتحرّك العين، وهي الواو قبلها، وهو الكثير في الاستعمال، قال تعالى في سورة (الرحمن) رقم [٤٨]: {ذَواتا أَفْنانٍ،} وقال في سورة (سبأ) رقم [١٦]: {ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ}.
هذا؛ والتاء في (ذات) لتأنيث اللفظ، مثل: تاء (ثمّت، وربّت، ولات) ولكنّها تعرب بالحركات الظاهرة على التاء، فالجر كما في الآية الكريمة، ومثلها كثير، والرفع جاء في قوله تعالى:{فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ،} والنّصب جاء في قوله تعالى: {سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ} وكلّ معانيها في القرآن الكريم: صاحبة، إلا في موضعين، فإنّها جاءت بمعنى: الجهة، وذلك في قوله تعالى في سورة (الكهف): {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ،} وقد رأيت تثنيتها في الآيتين المذكورتين في حالتي النّصب، والجر، ولم ترد في القرآن الكريم بمعنى الجمع. هذا، ولم يتعرّض لها النحويّون بهذا المعنى مع كثرة تعرّضهم ل:«ذي» بمعنى صاحب، وتثنيته، وجمعه، ولكنّهم ذكروا (ذات) بمعنى «التي»، و «ذوات» بمعنى «اللواتي» وذلك في مبحث الاسم الموصول، قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته:[الرجز]
وكالّتي أيضا لديهم ذات... وموضع اللاّتي أتى ذوات
قال الأشموني-رحمه الله تعالى-: أي: عند طيئ ألحقوا ب «ذو» تاء التأنيث مع بقاء البناء على الضّمّ حكى الفراء: «بالفضل ذو فضّلكم الله به، والكرامة ذات فضّلكم الله بها» وقريب منه لابن هشام في أوضحه، وكلاهما أورد بيت رؤبة:[الرجز]
جمعتها من أينق موارق... ذوات ينهضن بغير سائق
والفرق بين الأولى والثانية: أنّ الأولى لا تكون إلا مضافة لما بعدها، كما رأيت؛ بخلاف الثانية؛ فإنّها معرفة بالصّلة التي تذكر بعدها، كما في بيت رؤبة: تنبّه لهذا فإنّه معنى دقيق، واسأل الله لي ولك المزيد من التوفيق.