للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا و (الحظّ): النصيب، والجدّ، وهو: البخت، والدّولة، يقال: فلان ذو حظّ حظيظ، ومحظوظ، وما الدنيا إلا أحاظ، وجدود، ورحم الله المعري؛ إذ يقول: [الكامل]

لا تطلبنّ بغير حظّ رتبة... قلم الأديب بغير حظّ مغزل

سكن السّماكان السّماء كلاهما... هذا له رمح، وهذا أعزل

«السّماكان»: كوكبان، يقال لأحدهما: الأعزل، وهو من منازل القمر، وهو الذي له النّوء، وسمّي أعزل؛ لأنّه لا شيء من الكواكب بين يديه، ويقال للآخر: الرّامح، وسمي رامحا بكوكب يتقدّمه. ومعنى البيتين: أنّهما مع استوائهما في وجود كلّ منهما في السّماء، امتاز أحدهما عن الآخر، فلهذا حظّ، ولا حظّ لذاك، فالمدار على القضاء الأزليّ، والسّعد الأوّلي. اللهمّ اجعلنا من السّعداء، ولا تجعلنا من الأشقياء! وما أحسن قول القائل في بيان حظوظ الرّجال: [الرمل]

خلق الحظّ جمانا وحصى... خالق الإنسان من ماء وطين

فوليد تسجد الدّنيا له... ووليد في زوايا المهملين

وقال المتنبي؛ وقد أحسن، وأجاد: [الطويل]

هو الحظّ حتّى تفضل العين أختها... وحتّى يصير اليوم لليوم سيّدا

هذا؛ والحظّ: النصيب. قال تعالى في سورة (النساء) في آية المواريث: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}.

{وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ:} الخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم، بمعنى: إنّ الخيانة من طبيعتهم، وطبيعة أسلافهم، كانوا يخونون رسلهم، وهؤلاء يخونونك، ويهمّون بالفتك بك، و {خائِنَةٍ} أي: نفس خائنة، أو فرقة خائنة. هذا؛ ويقال: رجل خائنة: إذا بالغت في وصفه بالخيانة. قال الكلابي يخاطب قرينا أخا عمير الحنفي، وكان له عنده دم: [الكامل]

حدّثت نفسك بالوفاء ولم تكن... للغدر خائنة مغلّ الإصبع

{إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ:} وهم الذين آمنوا منهم، كعبد الله بن سلام، وأصحابه-رضي الله عنهم-، فإنّهم لم يخونوا. {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} أي: إن تابوا، وآمنوا، أو عاهدوا، والتزموا الجزية، وقيل: مطلق، وقد نسخ بآية السيف، وهي قوله تعالى في سورة (التوبة) رقم [٢٩]: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ..}. إلخ، وانظر: {يَعْفُوَ} في الآية رقم [٩٩] من سورة (النساء). {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ:} المحسنون: هم الذين أحسنوا إلى غيرهم بالعفو عنهم، والتّجاوز عن سيّئاتهم. وينبغي أن تعلم: أنّ الله يحبّ العافي عن الكافر مع خيانته، فما بالك بالعفو عن المسلم؛ إذا أساء إليك؟!.

<<  <  ج: ص:  >  >>