للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا فلان بن فلان المرادي، كنت قد حاربت الله، ورسوله، وسعيت في الأرض فسادا، وإنّي تبت من قبل أن يقدر عليّ. فقام أبو موسى، فقال: هذا فلان المراديّ، وإنّه كان حارب الله، ورسوله، وسعى في الأرض فسادا، وإنّه قد تاب من قبل أن يقدر عليه، فلا يتعرّض له أحد إلا بخير. وروى ابن جرير: أنّ عليّا الأسديّ حارب، وأخاف السّبيل، وأصاب الدّم، والمال، فطلبه الأئمة، والعامّة، فامتنع، ولم يقدروا عليه؛ حتّى جاء تائبا، وذلك: أنّه سمع رجلا يقرأ قوله تعالى في سورة الزّمر: {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا..}. إلخ، فوقف عليه، فقال: يا عبد الله! أعد قراءتها، فأعادها عليه، فغمد سيفه، ثمّ جاء تائبا؛ حتى قدم المدينة من السّحر، فاغتسل، ثمّ أتى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فصلّى الصّبح، ثمّ قعد إلى أبي هريرة-رضي الله عنه-في أغمار أصحابه، فلمّا أسفروا؛ عرفه الناس، فقاموا إليه، فقال: لا سبيل لكم عليّ جئت تائبا من قبل أن تقدروا عليّ! فقال أبو هريرة-رضي الله عنه-: صدق، وأخذ بيده؛ حتى أتى مروان بن الحكم، وهو أمير المدينة في زمن معاوية، فقال: هذا جاء تائبا، ولا سبيل لكم عليه، فترك وشأنه. ثمّ إنّه خرج مجاهدا في سبيل الله في البحر، فغرق فيه-رضي الله عنه-. وخذ ما يلي:

قال العلماء: يناشد اللّصّ بالله تعالى، فإن كفّ؛ ترك، وإن أبى؛ قوتل، فإن قتل؛ فشرّ قتيل، ودمه هدر. روى النّسائي عن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنّ رجلا جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله! أرأيت إن عدي على مالي؟ قال: «فانشد بالله» قال: فإن أبوا عليّ؟ قال: «فانشد بالله» قال: فإن أبوا عليّ؟ قال: «فانشد بالله» قال: فإن أبوا عليّ؟ قال: «فقاتل، فإن قتلت؛ ففي الجنّة، وإن قتلت؛ ففي النّار». وأخرجه البخاريّ، ومسلم، وليس فيه ذكر المناشدة. وذكرت لك مرارا عند الكلام على الشّهادة: أنّ من قتل دون ماله فهو شهيد.

الإعراب: {إِلاَّ:} أداة استثناء. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب على الاستثناء من: {الَّذِينَ يُحارِبُونَ،} وهذا بالطبع أخص من المتقدّم ليصح الاستثناء. وقيل:

هو في محل رفع مبتدأ. {تابُوا:} فعل ماض، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {مِنْ قَبْلِ:} متعلقان بما قبلهما، والمصدر المؤول من: {أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} في محل جر بالإضافة، أي: من قبل القدرة عليهم. {فَاعْلَمُوا:} الفاء: حرف استئناف، أو هي زائدة في خبر المبتدأ. (اعلموا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله.

{أَنْ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {غَفُورٌ رَحِيمٌ:} خبران ل‍: (إنّ) والمصدر المؤول منها، واسمها، وخبرها في محل نصب سدّ مسد مفعولي: (اعلموا)، والجملة الفعلية مستأنفة على الاعتبار الأول في الموصول، وفي محل رفع خبره على الاعتبار الثاني فيه، وعليه؛ فالرابط محذوف، التقدير: غفور لهم رحيم بهم، ومضمون الجملة الاسمية: {إِلاَّ الَّذِينَ..}.

إلخ في محل نصب على الاستثناء من الكلام السابق، واعتبار الموصول مستثنى من الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>