انظر القول في الآية رقم [٢/ ٢٦]. {رَبَّنا:} انظر سورة (الفاتحة) رقم [١] والآية رقم [٢٢](الأعراف) تجد ما يسرك. {فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ} أي: من الذين شهدوا بأن ما أنزل على محمد حق، أو اجعلنا من أمته الذين هم شهداء على الأمم يوم القيامة. وقالوا ذلك؛ لأنهم وجدوا ذكرهم في الإنجيل كذلك.
تنبيه: الآية الكريمة، وما قبلها، وما بعدها تتحدث هذه الآيات عن النجاشي، وأصحابه حين قال لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لما اجتمع في مجلسه المهاجرون إلى الحبشة، والمشركون الذين ذهبوا في طلبهم ليردوهم إلى مكة، وكان قد أحضر الرهبان، والقسيسين: هل في كتابكم ذكر مريم، وعيسى، قال جعفر: نعم، فيه سورة تنسب إلى مريم، قال: اقرأها، فقرأها إلى قوله تعالى:{ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ..}. إلخ وقرأ سورة (طه) إلى قوله تعالى: {هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى} فبكى النجاشي، وقومه الحاضرون، وقال: إن هذا؛ والذي أنزل على عيسى من مشكاة واحدة. وفي رواية: أخذ النجاشي عودا من الأرض، وقال: والله ما زاد صاحبكم على ما قال عيسى قدر هذا العود. فكره المشركون قوله، وتغيرت وجوههم. وكذلك فعل قومه الذين وفدوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهم سبعون رجلا حين قرأ عليهم سورة (يس) فبكوا، وأسلموا، وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى.
الإعراب:{وَإِذا:} انظر الآية رقم [٦١]{ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، وجملة:{أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ} صلة {ما،} أو صفتها، والعائد أو الرابط رجوع نائب الفاعل إليها، وجملة:{سَمِعُوا..}. إلخ في محل جر بإضافة (إذا) إليها على القول المشهور المرجوح. {تَرى:} انظر إعرابه في الآية رقم [٨٣] وجملة: {تَفِيضُ} في محل نصب حال من: {أَعْيُنَهُمْ} لأن {تَرى} هنا بصرية. {مِنَ الدَّمْعِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، التقدير: مملوءة {مِنَ الدَّمْعِ}. {مِمّا:}
متعلقان بالفعل {تَفِيضُ،} و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، وجملة:{عَرَفُوا} صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير:{عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المحذوف، وجملة:{تَرى..}. إلخ جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها معطوف على خبر (أنّ) في الآية السابقة، وهو {لا يَسْتَكْبِرُونَ} فصار الكلام من مدخول (أنّ). وقيل:
يجوز أن يكون مستأنفا في اللفظ، وإن كان له تعلق بما قبله في المعنى، وجملة:{يَقُولُونَ..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة في:{عَرَفُوا،} والرابط الضمير فقط، والجملة الندائية:
{رَبَّنا} والفعلية: {آمَنّا} مع المتعلق المحذوف في محل نصب مقول القول. {فَاكْتُبْنا:}
الفاء: هي الفصيحة لأنها أفصحت عن شرط محذوف، وانظر الآية رقم [٤]. (اكتبنا): فعل، ومفعول به، وانظر إعراب {حَلَلْتُمْ} في الآية رقم [٣]. {مَعَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله،