للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعضد شجره، وأن يختلى خلاه. وأراد ب‍ {الْبَيْتَ الْحَرامَ} جميع الحرم، لما صح حديث ابن عباس-رضي الله عنهما-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خطب يوم فتح مكة، فقال: «إن هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا لمن عرفها، ولا يختلى خلاه». {قِياماً لِلنّاسِ} أي: سببا لانتعاش الناس في أمر معاشهم، ومعادهم، يلوذ به الخائف، ويأمن فيه الضعيف، ويربح فيه التجار، ويتوجه إليه الحجاج، والعمار. و {قِياماً} أصله: قواما، فقد قلبت الواو ياء لمناسبة الكسرة، وانظر الآية رقم [١٨٢] (البقرة) وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥] (النساء). (الناس): انظر الآية رقم [٣٥]. {وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} انظر شرح هذه الكلمات في الآية رقم [٣]. {ذلِكَ:}

إشارة إلى المذكور. {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ..}. إلخ: فإن الله شرع الأحكام لدفع المضار قبل وقوعها، وجلب المنافع المترتبة عليها دليل قاطع على حكمة الشارع جل علاه، وكمال علمه. {شَيْءٍ:}

انظر الآية رقم [١٩] {عَلِيمٌ:} لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، فهو صيغة مبالغة، وهو تعميم بعد تخصيص، وانظر شرح: {السَّماواتِ وَالْأَرْضَ} في الآية رقم [١] (الأنعام) فإنه جيد، هذا؛ وفي {ما} تغليب غير العاقل على العاقل.

الإعراب: {جَعَلَ:} فعل ماض. {اللهُ:} فاعله. {الْكَعْبَةَ:} مفعول به أول. {الْبَيْتَ:}

بدل، أو عطف بيان مما قبله. {الْحَرامَ:} صفة {الْبَيْتَ}. {قِياماً:} مفعول به ثان. {لِلنّاسِ:}

متعلقان ب‍ {قِياماً،} أو بمحذوف صفة له. {وَالشَّهْرَ:} معطوف على: {الْكَعْبَةَ}. {الْحَرامَ:}

صفته. {وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ:} معطوفان على {الْكَعْبَةَ} أيضا، فالمفعول الثاني، أو الحال على اعتبار: {جَعَلَ} بمعنى: خلق، محذوف لفهم المعنى. {ذلِكَ:} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: الحكم الذي حكمناه ذلك لا غير. والثاني: أنه مبتدأ، وخبره محذوف، أي:

ذلك الحكم هو الحق لا غيره. والثالث: أنه منصوب بفعل مقدر يدل عليه السياق، أي: شرع الله ذلك. وهذا أقواها لتعلق لام العلة به. انتهى جمل نقلا من السمين. هذا؛ وقد قيل: إن {ذلِكَ} مبتدأ، وخبره: {لِتَعْلَمُوا،} أي: ذلك كائن {لِتَعْلَمُوا}. واللام: لام التعليل. (تعلموا): منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، الواو: فاعله، والألف: للتفريق. {أَنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهُ:} اسمها. {يَعْلَمُ} مضارع فاعله يعود إلى:

{اللهُ}. {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {فِي السَّماواتِ:} متعلقان بمحذوف صلة: {ما،} أو بمحذوف صفتها {وَما فِي الْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله، وهو مثله في إعرابه، و {يَعْلَمُ} بمعنى: يعرف، فلذا اكتفى بمفعول واحد، وجملة:

{يَعْلَمُ..}. إلخ في محل رفع خبر: {أَنَّ،} و {أَنَّ} واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي: (تعلموا) و «أن» المضمرة بعد لام التعليل، والفعل المضارع في تأويل

<<  <  ج: ص:  >  >>