{تَعالَوْا:} قال ابن هشام-طيب الله ثراه-في قطر الندى: وأما هات، وتعال، فعدهما جماعة من النحويين في أسماء الأفعال، والصواب: أنهما فعلا أمر، بدليل: أنهما دالان على الطلب، وتلحقهما ياء المخاطبة، وتقول: هاتي، وتعالي، واعلم أن آخر (هات) مكسور أبدا، إلا إذا كان لجماعة المذكرين؛ فإنه يضم، وأن آخر (تعال) مفتوح في جميع أحواله من غير استثناء، (تقول): تعال يا زيد، وتعالي يا هند، وتعاليا يا هندان، أو يا زيدان، وتعالوا يا زيدون، وتعالين يا هندات، كل ذلك بالفتح، قال الله تعالى:{قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ..}. إلخ، وقال تعالى:{فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} ومن ثم لحّنوا أبا فراس الحمداني بقوله: [الطويل]
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا... تعالي أقاسمك الهموم تعالي
وأقول: إن الفعلين (هات، وتعال) ملازمان للأمرية، فلا يأتي منهما مضارع، ولا ماض، وهما بمعنى (أحضروا، أو احضروا) فالأول متعد، والثاني لازم، وأما: تعالى، يتعالى؛ فهما بمعنى: تعاظم، أو بمعنى: تنزه، يتنزه، وقل في إعلال:{تَعالَوْا} أصله: تعالووا، ثم تعاليوا، فحذفت الضمة التي على الياء للثقل، فالتقى ساكنان، فحذفت الياء، وبقيت الواو؛ لأنها ضمير، وبقيت الفتحة على اللام لتدل على الألف المحذوفة.
{أَوَلَوْ:} الهمزة للإنكار، وهي في نية التأخير عن الواو؛ لأنها حرف عطف، وكذا تقدم على الفاء، وثم تنبيها على أصالتها في التصدير، نحو قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ..}. إلخ، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ..}. إلخ {أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} وأخواتها تتأخر عن حرف العطف، كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة، نحو قوله تعالى:{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ،}{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}. هذا مذهب سيبويه، والجمهور، وخالف جماعة، أولهم الزمخشري، فزعموا: أن الهمزة في الآيات المتقدمة في محلها الأصلي، وأن العطف على جملة مقدرة بينها، وبين العاطف، فيقولون: التقدير في: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا،}{أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً،}{أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ:} أمكثوا فلم يسيروا في الأرض، أنهملكم فنضرب عنكم، أتؤمنون في حياته، فإن {ماتَ أَوْ قُتِلَ..}. إلخ. ويضعف قولهم ما فيه من التكلف، وأنه غير مطرد في جميع المواضع. انتهى. مغني اللبيب بتصرف.
الإعراب:{وَإِذا:} الواو: حرف استئناف. (إذا): انظر الآية رقم [٦١]{قِيلَ:} ماض مبني للمجهول. (لهم): متعلقان بمحذوف في محل رفع نائب فاعله. (تعالوا): أمر مبني على حذف النون، وانظر إعراب:{أَوْفُوا} في الآية رقم [١] والواو فاعله، والألف للتفريق. {إِلى ما:}
متعلقان بالفعل قبلهما، و {ما} تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر، والجملة الفعلية صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: أنزله الله. {وَإِلَى الرَّسُولِ:} معطوفان على ما قبلهما، وانظر تقدير المضاف في الشرح، وجملة:{تَعالَوْا..}. إلخ في