السمكة بحالها حين أنزلت، ثم طارت المائدة صعودا، وهم ينظرون إليها حتى توارت، ولم يأكل منها مريض، أو زمن، أو مبتلى إلا عوفي، ولا فقير إلا استغنى، وندم من لم يأكل منها. وقيل:
مكثت أربعين صباحا تنزل ضحى، وكانت تنزل غبّا: يوما تنزل، ويوما لا تنزل، فأوحى الله إلى عيسى-عليه السّلام-: اجعل مائدتي ورزقي للفقراء دون الأغنياء، فعظم ذلك على الأغنياء، حتى شكوا وشككوا الناس فيها، فمسخ الله منهم ثلاثمائة وثلاثين رجلا، باتوا ليلتهم مع نسائهم على فرشهم، ثم أصبحوا خنازير يسعون في الطرق، يأكلون العذرة من الكناسات، والحشوش، فلما رأى الناس ذلك فزعوا إلى عيسى عليه السّلام، وبكوا، ولما أبصرت الخنازير عيسى-عليه السّلام- بكت، وجعلت تطيف به، وجعل عيسى يدعوهم بأسمائهم، فيشيرون برءوسهم، ولا يقدرون على الكلام، فعاشوا ثلاثة أيام، ثم هلكوا. انتهى بيضاوي، وخازن بتصرف.
عن عمار بن ياسر-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنزلت المائدة من السماء خبزا، ولحما، وأمروا ألا يخونوا، ولا يدخروا لغد، فخانوا، وادّخروا لغد، فمسخوا قردة، وخنازير». أخرجه الترمذي. انتهى خازن.
الإعراب:{قالَ اللهُ:} فعل وفاعل. {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها.
{مُنَزِّلُها:} خبر (إنّ)، وها: في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر تقديره:«أنا». {عَلَيْكُمْ:} متعلقان باسم الفاعل، وجملة:{إِنِّي..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالَ اللهُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {فَمَنْ:} الفاء: حرف تفريع على ما سبق. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَكْفُرْ:} فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من). {بَعْدُ:} ظرف زمان مبني على الضم لقطعه عن الإضافة لفظا في محل نصب متعلق بالفعل قبله. {مِنْكُمْ:} متعلقان بمحذوف حال من فاعل {يَكْفُرْ،} و (من) بيان لما أبهم في (من). {فَإِنِّي:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إني): حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها. {أُعَذِّبُهُ:} مضارع، ومفعوله، وفاعله مستتر تقديره:«أنا».
{عَذاباً:} مفعول مطلق. {لا:} نافية. {أُعَذِّبُهُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره:«أنا»، والهاء في محل نصب مفعول مطلق؛ لأنها عائدة على المصدر. وقال أبو البقاء: وفيه على هذا أي: اعتبار الهاء عائدة على المصدر وجهان: أحدهما: أن يكون حذف حرف الجر، أي:
لا أعذب به أحدا، والثاني أن يكون مفعولا به على السعة، وانظر الشاهد رقم [٩٢٣] من كتابنا:
«فتح القريب المجيب» فله شبه بالآية الكريمة. {أَحَداً:} مفعول به. {مِنَ الْعالَمِينَ:} متعلقان بمحذوف صفة {أَحَداً،} وجملة: {لا أُعَذِّبُهُ..}. إلخ في محل نصب صفة {عَذاباً،} وجملة:
{أُعَذِّبُهُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، وجملة (إني...) إلخ في محل جزم جواب الشرط، وخبر المبتدأ الذي هو من مختلف فيه كما رأيت في الآية رقم [٤٧] والجملة الاسمية: {فَمَنْ..}.