وهي الجماعة، والطائفة، والمراد طوائف مختلفة، والجمع باعتبار المعنى. وقال مجاهد: أي أصناف مصنفة تعرف بأسمائها. يريد: أن كل جنس من الحيوان أمة، فالطير أمة، والدواب أمة، والسباع أمة تعرف بأسمائها مثل بني آدم يعرفون بأسمائهم.
ويدل على أن كل جنس من الدواب أمة ما روي عن عبد الله بن مغفل-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«لولا أن الكلاب أمة من الأمم؛ لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم».
أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي. {أَمْثالُكُمْ} أي: في تدبير رزقها وخلقها وأحوالها، وفي أنها تعرف ربها، وتوحده، وتسبحه، وتصلى له، كما أنكم تعرفونه، وتوحدونه، وتسبحونه، وتصلون له، وفي أنها يفهم بعضها عن بعض، ويألف بعضها بعضا، كما أن جنس الإنسان يألف بعضهم بعضا، ويفهم بعضهم عن بعض، وفي أن الذكر منها يعرف الأنثى، وفي أنها تبعث بعد الموت للحساب. انتهى خازن بتصرف.
هذا؛ وقد قال العلماء: جميع ما خلق الله عز وجل لا يخرج عن هاتين الحالتين، إما أن يدب على الأرض، أو يطير في الهواء، حتى ألحقوا حيوان الماء بالطير؛ لأن الحيتان تسبح في الماء، كما أن الطير تسبح في الهواء، وإنما خص سبحانه ما في الأرض بالذكر دون ما في السماء، وإن كان ما في السماء مخلوقا له؛ لأن الاحتجاج بالمشاهد أظهر وأدلى مما لا يشاهد.
انتهى خازن، وجمل بتصرف. {ما فَرَّطْنا:} يقال: فرط الشيء، أي: ضيعه وتركه، وفرط في الشيء، أي أهمل ما ينبغي أن يكون فيه، وانظر الآية رقم [٣١]{الْكِتابِ:} المراد به اللوح المحفوظ، فإنه مشتمل على ما يجري في العالم من جليل ودقيق، لم يهمل الله فيه أمر حيوان ولا جماد، أو المراد به القرآن الكريم، فإنه سبحانه قد دون فيه ما يحتاج إليه الناس من أمر الدين والدنيا، في العبادة، أو الإشارة، أو في الدلالة، أو في الاقتضاء، وانظر الآية رقم [٧] أو [٧/ ٢] تجد ما يسرك. {شَيْءٍ:} انظر الآية رقم [٥/ ١٩]. {ثُمَّ:} انظر الآية رقم [٥/ ٤٣]، {رَبِّهِمْ:} انظر سورة الفاتحة رقم [١] أو [٧/ ٢]، {يُحْشَرُونَ:} يجمعون ويبعثون للحساب والجزاء، والمراد جميع المخلوقات ليدبر شئونهم في الآخرة، كما دبرها في الدنيا.
قال أبو هريرة-رضي الله عنه-: يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة، البهائم والدواب والطير، وكل شيء، فيأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني ترابا، فعند ذلك يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا. انتهى خازن بتصرف. وقول أبي هريرة مأخوذ من قول سيد الخلق، وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم.
الإعراب:{وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {مِنْ:} حرف جر صلة. {دَابَّةٍ:}
مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بمحذوف صفة: {دَابَّةٍ}. {وَلا:} الواو: حرف عطف.
(لا): زائدة لتأكيد النفي. {طائِرٍ:} بالجر معطوف على لفظ: {دَابَّةٍ}. وقرئ بالرفع على