للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى {الَّذِي} تقديره: هو، وهو العائد. ({لَهُمْ}): جار ومجرور متعلقان به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. (أنزلنا): فعل، وفاعل. {عَلَى الَّذِينَ:} متعلقان بما قبلهما، وجملة: {ظَلَمُوا} مع المفعول المحذوف صلة الموصول لا محل لها، وجملة: (أنزلنا): معطوفة على جملة: (بدّل) فهي في محل جر أيضا. {رِجْزاً:} مفعول به. {مِنَ السَّماءِ:} جار، ومجرور، متعلقان بمحذوف صفة {رِجْزاً}. {بِما:} الباء: حرف جر (ما): مصدرية، {كانُوا:} ماض ناقص، والواو اسمه، والألف للتفريق. {يَفْسُقُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب خبر {كانُوا،} و (ما) والفعل (كان) في تأويل مصدر في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (أنزلنا)، واعتبار (ما) موصولة أو موصوفة فيه ضعف ظاهر؛ لأن المعنى بسبب فسقهم.

تنبيه: استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبّد بلفظها، أو بمعناها، فإن كان التعبّد بلفظها؛ فلا يجوز تبديلها؛ لذمّ الله تعالى من بدّل ما أمره بقوله. وإن كان التعبد بمعناها؛ جاز تبديلها بما يؤدي إلى ذلك المعنى، ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه.

وقد اختلف العلماء في هذا المعنى، فحكي عن الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، وأصحابهم: أنه يجوز للعالم بمواقع الخطاب البصير بآحاد كلماته نقل الحديث بالمعنى، لكن بشرط المطابقة للمعنى بكماله، وهو قول الجمهور، ومنع ذلك جمع كثير من العلماء، منهم:

ابن سيرين، والقاسم بن محمد، ورجاء بن حيوة، وقال مجاهد: أنقص من الحديث، ولا تزد فيه إن شئت، وكان مالك بن أنس يشدّد في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في التاء، والياء، ونحو هذا.

وعلى هذا جماعة من أئمّة الحديث؛ لا يرون إبدال اللفظ، ولا تغييره حتّى إنهم يسمّونه:

ملحونا، ويعلمون ذلك، ولا يغيّرونه، وروى أبو مجلز عن قيس بن عباد، قال: قال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-: من سمع حديثا، فحدّث به، كما سمع؛ فقد سلم، وكذا الخلاف في التقديم، والتأخير، والزيادة، والنقصان، فإن منهم من يعتد بالمعنى، ولا يعتد باللفظ ولكن أكثر العلماء على خلافه، والقول بالجواز هو الصّحيح، إن شاء الله تعالى.

وذلك: أنّ المعلوم من سيرة الصحابة-رضي الله عنهم-، هو أنهم كانوا يروون الوقائع المتّحدة بألفاظ مختلفة، وما ذاك إلا أنهم كانوا يصرفون عنايتهم للمعاني، ولم يلتزموا التكرار على الأحاديث، ولا كتبها. وروي عن واثلة بن الأسقع-رضي الله عنه-: أنّه قال: ليس كل ما أخبرنا به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نقلناه إليكم، حسبكم المعنى. وقال قتادة عن زرارة بن أوفى: لقيت عدّة من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فاختلفوا علي باللفظ، واجتمعوا في المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>