للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يصح على بعضها. تأمل جيدا، وتفهم حقّا؛ يتوضح لك ذلك. هذا؛ وقرأ ابن عامر في الآية رقم [٢/ ١١٧] بالنصب، كما رأيته هناك، وضعفه أبو البقاء، وبينات سبب ضعفه هناك، فارجع إليه إن شئت. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

الشرح: هذا الكلام متصل بالآية السابقة. ومعنى {قَوْلُهُ الْحَقُّ} أي معنى قوله تعالى الحق الواضح الذي لا خفاء فيه، ولا اعوجاج. وله الملك يوم ينفخ في الصور. إنما أخبر عن ملكه في ذلك اليوم العظيم، وإن كان الملك له تعالى خالصا في الدنيا، والآخرة؛ لأنه لا منازع له يومئذ يدعي الملك، وأنه المنفرد بالملك يومئذ، وأن من كان يدعي الملك بالباطل من الجبابرة، والفراعنة، وسائر الملوك الذين كانوا في الدنيا قد زال ملكهم، واعترفوا بأن الملك لله الواحد القهار، وأنه لا منازع له فيه، وعلموا: أن الذي كانوا يدعونه من الملك في الدنيا باطل وغرور.

هذا؛ والصور: قرن كهيئة البوق. قاله مجاهد، ويدل على صحته ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما الصّور؟ قال: «قرن ينفخ فيه». أخرجه أبو داود، والترمذي، وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كيف أنتم؟ وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه، ينتظر أن يؤمر، فينفخ». فكأنّ ذلك ثقل على أصحابه، فقالوا: كيف نفعل يا رسول الله، وكيف نقول؟ فقال: «قولوا: حسبنا الله، ونعم الوكيل، على الله توكّلنا». وربّما قال: «توكّلنا على الله».

أخرجه الترمذي. انتهى خازن بتصرف.

وينبغي أن تعلم: أن الذي ينفخ في الصور إنما هو إسرافيل-عليه السّلام-أحد الملائكة العشرة المقربين، وهو ينفخ نفختين، بينهما أربعون عاما على الصحيح، الأولى لإماتة جميع المخلوقات، والثانية لإحيائهم، وبعثهم للحساب والجزاء، خذ قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ}. بعد هذا اذكر: أن الزمخشري-رحمه الله تعالى-قال: إن كل ما فاؤه نون، وعينه فاء يدل على معنى الخروج والذهاب، مثل: نفق، ونفد، ونفث، ونفخ، ونفش... إلخ. {عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ} أي: يعلم سبحانه ما غاب عن أبصار عباده، وما يشاهدونه، فلا يغيب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم. {الْحَكِيمُ} أي: في جميع أفعاله، وتدبير خلقه.

{الْخَبِيرُ:} بكل ما يفعلونه من خير، أو شر.

الإعراب: {قَوْلُهُ الْحَقُّ:} فيه أربعة أوجه: أحدها: أنه مبتدأ، و {الْحَقُّ} نعته، وخبره قوله:

{وَيَوْمَ يَقُولُ} أي: الظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم، كما رأيت في الآية السابقة. والثاني: أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>