للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل: هو اسم أبي إبراهيم، وله اسم آخر: «تارح» بالحاء أو بالخاء، فعلى هذا يكون لأبي إبراهيم اسمان: {آزَرَ} وتارخ، مثل يعقوب، وإسرائيل اسمان لرجل واحد، فيحتمل أن يكون اسمه الأصلي {آزَرَ،} وتارح لقب له.

وقال سليمان التيمي: {آزَرَ} سب، وعيب، ومعناه في كلامهم: المعوج. وقيل: الشيخ الهرم. وقال سعيد بن المسيب، ومجاهد: {آزَرَ} اسم صنم، كان والد إبراهيم يعبده، فلقب به للزوم عبادته له. وقيل: معناه: يا عابد آزر، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه.

والصحيح هو الأول. وقد أخرج البخاري في أفراده من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يلقى إبراهيم عليه السّلام أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة، وغبرة».

فثبت بهذا: أن اسمه الأصلي: {آزَرَ،} لا تارخ، والله أعلم. انتهى خازن بتصرف كبير. هذا؛ وقد قرئ برفعه على النداء، وهو مما يؤيده. {أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً:} هذا استفهام توبيخي إنكاري، أي: أتعبد أصناما؟ وهي لا تستحق الإلهية. هذا؛ والأصنام جمع: صنم، وهو التمثال الذي يتخذ من خشب، أو حجارة، أو حديد، أو ذهب، أو فضة على صورة الإنسان، أو غيره، وهو الوثن. {وَقَوْمَكَ:} انظر الآية رقم [٥/ ٢١]. {ضَلالٍ:} كفر، وخروج عن جادة الحق والصواب، {مُبِينٍ:} انظر الآية رقم [١٦]. هذا؛ وانظر (النّصب) في الآية رقم [٥/ ٣] و (الأنصاب) في الآية رقم [٩٣] المائدة.

تنبيه: قال سليمان الجمل-رحمه الله تعالى-: قد جرى المفسرون على أن آزر اسم أبيه، وهو مشكل بما تقرر في السير، من أن جميع نسبه صلّى الله عليه وسلّم مطهر من عبادة الأصنام، بدليل قوله تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السّاجِدِينَ}. ويجاب بأن محل ذلك ما دام النور المحمدي في أصلابهم، أما بعد انتقاله منهم، فتجوز عليهم عبادة الأصنام، وغيرها، من سائر أنواع الكفر. تأمل.

تنبيه: هناك من يقول: إن آزر عم إبراهيم، وليس أباه، وكثيرا ما يطلق على العم لفظ الأب تجوزا، وكثيرا ما ينادي الرجل ابن أخيه، بقوله: يا بني. أقول: ينفي هذا الزعم تكرر لفظ الأبوة في القرآن الكريم، كما ترى في هذه الآية، وكما في قوله تعالى في سورة (الأنبياء): {إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ} وأيضا في سورة التوبة: {وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ،} وأيضا في سورة (الشعراء): {وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضّالِّينَ} وغير ذلك كثير، ولا سيما في سورة (مريم).

الإعراب: {وَإِذْ:} الواو: حرف استئناف. (إذ): ظرف لما مضى من الزمان، مبني على السكون متعلق بفعل محذوف، تقديره: اذكر. أو هو مفعول به لهذا المقدر، وجملة: {قالَ إِبْراهِيمُ} في محل جر بإضافة (إذ) إليها. {لِأَبِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والهاء في محل جر بالإضافة. {آزَرَ:}

<<  <  ج: ص:  >  >>