إحدى النونين على اختلاف في المحذوف منهما، انظر الكلام على الشاهد [١٠٤٩] من كتابنا:
«فتح القريب المجيب». هذا؛ ويجري في: {تَأْمُرُونِّي} من سورة (الزمر) ما جرى في:
{أَتُحاجُّونِّي} قراءة، وحذفا، وانظر «القول» في الآية رقم [٧/ ٤]. {اللهِ:} انظر الاستعاذة.
{وَقَدْ هَدانِ:} إلى التوحيد والعبادة، وهو يقرأ بحذف ياء المتكلم، وإثباتها. {وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ} أي: لا أخاف معبوداتكم؛ التي تهددونني بها؛ لأنها لا تضر، ولا تنفع؛ لأنهم قالوا له: إنا نخاف أن تمسّك الأصنام بخبل، أو جنون لعيبك إياها. {إِلاّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً:}
إلا أن يقدّر عليّ ربي أن يصيبني بمكروه من جهتها. {يَشاءَ:} انظر الآية رقم [٥/ ١٨].
{رَبِّي:} انظر سورة (الفاتحة) رقم [١]. {شَيْئاً:} انظر الآية رقم [٥/ ١٩]. {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} أي: إن الله بكل شيء عليم، فلا يصيب عبدا شيء من ضر، أو نفع إلا بعلمه، وتقديره، ومشيئته. {أَفَلا:} انظر الآية رقم [٥/ ١٠٧] فإنه جيد. {تَتَذَكَّرُونَ:} تتعظون، فتميزوا، وتفرقوا بين الصحيح، والفاسد، والقادر، والعاجز.
تنبيه: قال البغوي: لما رجع إبراهيم إلى أبيه، وصار من الشباب بحالة تسقط عنه طمع الذابحين، أي: (وهذا بناء على ما ذكرته لك من أنه ولد خفية، وربّي خفية) وضمه آزر إلى نفسه، جعل آزر يصنع الأصنام، ويعطيها إبراهيم ليبيعها، فيذهب وينادي من يشتري ما يضره، ولا ينفعه؟ فلا يشتريها أحد، فإذا بارت عليه؛ ذهب بها إلى نهر، فصوب فيه رءوسها، وقال:
«اشربي» استهزاء بقومه، وبما هم فيه من الضلالة، حتى فشا استهزاؤه بها في قومه، وأهل بلدته (حاجّه قومه) يعني: خاصمه قومه، وجادلوه في أمر دينه. انتهى خازن.
وما أحراك أن تنظر المناظرة بينه، وبين النمرود في الآية رقم [٢٥٨] (البقرة) وانظر النتيجة الحاسمة بينه، وبين قومه في سورة (الأنبياء)، إن كنت من أهل القرآن.
الإعراب: (حاجه): ماض، ومفعوله. {قَوْمُهُ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة لا محل لها على الوجهين. {أَتُحاجُّونِّي:}
الهمزة: حرف استفهام إنكاري توبيخي. (تحاجوني): مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والنون للوقاية، وانظر القراءتين في الشرح، والواو فاعله، وياء المتكلم مفعوله. {فِي اللهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {وَقَدْ:} الواو: واو الحال. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {هَدانِ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى الله، والنون للوقاية، وياء المتكلم المقدرة، أو الثابتة على حسب القراءتين في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الواو والضمير. وقيل: في محل نصب حال من ياء المتكلم، وتقدير الحال في الأول: هاديا لي. وفي