للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن من صدق بالآخرة؛ خاف العاقبة، ولا يزال الخوف يحمله على النظر، والتدبر، حتى يؤمن بالنبي، والكتاب، والضمير في: {بِهِ} يحتملهما، ويحافظ على الطاعة، وتخصيص الصلاة بالذكر؛ لأنها عماد الدين، وعلم الإيمان، والمراد بالإيمان بالآخرة: الإيمان المعتد به بخلاف إيمان اليهود، والنصارى، وغيره بالآخرة فإنه إيمان لا يعتد به لفقد شرطه الأساسي، وهو الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، وانظر شرح (الصلاة) في الآية رقم [٤/ ١٠٣] والآية رقم [١١] (التوبة) فإنه جيد.

تنبيه: وصف الله الكتاب الذي أنزله على محمد صلّى الله عليه وسلّم هنا بالإنزال قبل وصفه بالبركة، بخلاف قوله تعالى في سورة (الأنبياء): {وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ} قالوا: لأن الأهم هنا وصفه بالإنزال؛ إذ جاء عقيب إنكارهم أن ينزل الله على بشر من شيء، بخلافه هناك، ووقعت الصفة الأولى جملة فعلية؛ لأن الإنزال يتجدد وقتا فوقتا، والثانية اسما صريحا؛ لأن الاسم يدل على الثبوت، والاستقرار، وهو مقصود هنا، أي: بركته ثابتة مستقرة. انتهى جمل نقلا عن السمين.

الإعراب: {وَهذا كِتابٌ:} مبتدأ وخبر، وجملة: {أَنْزَلْناهُ} في محل رفع صفة أولى ل‍: (الكتاب). {مُبارَكٌ:} صفة ثانية. {مُصَدِّقُ:} صفة ثالثة. هذا؛ ويجوز في غير القرآن نصب الصفتين على الحال من: {كِتابٌ} لوصفه بالجملة الفعلية كما رأيت. هذا؛ و {مُصَدِّقُ:} مضاف، و {الَّذِي} اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {بَيْنَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، و {بَيْنَ:} مضاف، و {يَدَيْهِ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه مثنى صورة، والهاء في محل جر بالإضافة. (لتنذر): مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل، وهو يقرأ بالتاء والياء، فعلى الأول تقدير فاعله: أنت، وعلى الثاني تقديره: «هو» يعود إلى: {كِتابٌ}. {أُمَّ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الْقُرى:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف. (من): اسم موصول أو نكرة موصوفة بمعنى ناسا مبنية على السكون في محل نصب معطوفة على ما قبلها.

{حَوْلَها:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة (من) أو بمحذوف صفتها على اعتبارها نكرة، والهاء في محل جر بالإضافة، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور معطوفان على محذوف، التقدير: «أنزلناه للإيمان، وللإنذار». وقيل: معطوفان على ما دل عليه {مُبارَكٌ} أي: أنزلناه للبركات، وللإنذار، وقيل غير ذلك. (الذين): فيه وجهان:

أحدهما أنه مبني على الفتح في محل نصب معطوف على: {أُمَّ الْقُرى،} والثاني أنه في محل رفع مبتدأ، وجملة: {يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} صلة الموصول، وجملة {يُؤْمِنُونَ بِهِ} في محل نصب حال من واو الجماعة على الوجه الأول في الموصول، وفي محل رفع خبره على الوجه الثاني فيه. (هم):

ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {عَلى صَلاتِهِمْ:} متعلقان بالفعل بعدهما، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: «يحافظون على صلاتهم» في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>