للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينمو من الحيوان، والنبات ليطابق ما قبله. {الْمَيِّتِ:} مما لا ينمو كالنطفة، والبيضة، والحبة.

ومعروف إخراج أحدهما من الآخر. هذا؛ وقد قيل: إن المراد بالحي: المؤمن، وبالميت:

الكافر، فالمؤمن حي القلب بالإيمان، والكافر ميت القلب بالكفر، خذ قول ربك: {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ}. هذا؛ والميت والميتة بفتح الميم وسكون الياء فيهما، وهو من فارقت روحه جسده، وجمعه: أموات، وأما المشدد فهو الحي الذي سيموت، وعليه قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}. وجمعه: موتى، قال بعض الأدباء في الفرق بينهما: [الطويل]

أيا سائلي تفسير ميت وميّت... فدونك قد فسّرت ما عنه تسأل

فمن كان ذا روح فذلك ميّت... وما الميت إلا من إلى القبر يحمل

هذا هو الأصل الغالب في الاستعمال، وقد يتعاوضان كما في قول عدي بن الرعلاء الغساني: [الخفيف]

ليس من مات فاستراح بميت... إنما الميت ميّت الأحياء

إنما الميت من يعيش كئيبا... كاسفا باله قليل الرّجاء

أقول: ومن هذا ما في هذه الآية الكريمة، وأيضا الآية رقم [٣/ ٢٧] حيث استعمل المشدد فيهما لفاقد الحياة والروح كما هو واضح، وانظر مثل هذا التعاوض في الآية رقم [٧/ ١٦٨] ولا تنس: أن أصل ميت: ميوت؛ لأنه من: مات، يموت، فقل في إعلاله: اجتمعت الياء والواو، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وقل مثله في إعلال سيد، وهين، وصيب ونحو ذلك. هذا؛ وذكر: (مخرج) هنا بلفظ الاسم حملا على:

{فالِقُ الْحَبِّ،} فإن الجملة الفعلية: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} واقعة موقع البيان له، كما ستعرفه في الإعراب. {ذلِكُمُ اللهُ} أي: ذلكم الله المدبر الخالق الصانع لهذه الأشياء المحيي المميت لها.

{فَأَنّى تُؤْفَكُونَ؟} أي: فأنى تصرفون عن الحق، فتعبدون غير الله الذي هو خالق الأشياء كلها؟! قال تعالى في سورة الذاريات: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} فهو من باب: ضرب، ومصدره: أفكا، كضربا. هذا؛ وهو من الباب الرابع بمعنى: كذب، ومصدره: إفكا كعلما، ويغلب مجيء الأول بالبناء للمجهول، وقد يجيء بالبناء للمعلوم كما في الآية رقم [٧/ ١١٧] وقوله تعالى حكاية عن قول المشركين: {قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا}. وما في الآية تعجيب للناس من الله تعالى في ذهابهم للفرق بين الرب والمربوب. وفي الآية الكريمة دليل على صحة البعث يوم القيامة بعد الموت لأن القادر على إخراج البدن من النطفة قادر على إخراجه من التراب للحساب والجزاء.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {فالِقُ:} خبرها، وهو مضاف، و {الْحَبِّ:} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه تقديره: «هو» وجملة:

{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} في محل رفع خبر ثان. وقيل: مستأنفة، ولا أرتضيه. {وَمُخْرِجُ:} معطوف

<<  <  ج: ص:  >  >>