للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنات، والمراد بالزرع: جميع الحبوب؛ التي يقتات بها. {مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ} أي: ثمره، وحبه في الهيئة، والطعم، كالحلو، والحامض، والجيد، والرديء، والصغير، والكبير، وغير ذلك.

{وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ:} يتشابه ورقهما، وبعض أفرادهما في اللون، والطعم، ولا يتشابه بعضها. {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ:} ثمر كل واحد من ذلك، والأمر للإباحة لا للوجوب.

{إِذا أَثْمَرَ:} وإن لم ينضج، ولم يبع. وفيه رخصة للمالك في الأكل قبل حصاده، وتمام نضجه، أما بعد النضج فيحرم الأكل منه لتعلق حق الفقراء به، كما هو مبين في الفقه الإسلامي.

{وَآتُوا:} أعطوا. {حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ:} يوم جذاذه، وقطعه، واختلفوا في هذا الحق المأمور بإخراجه، فقيل: المراد به: الزكاة المفروضة، والآية مدنية، وعلى هذا فالآية محكمة، أي غير منسوخة. وقيل: بل المراد به أنه حق سوى الزكاة، فرض يوم الحصاد، وهو إطعام من حضر، وترك ما سقط من الزرع، والثمر. وهذا؛ وقرئ: «حصاده» بفتح الحاء، وكسرها. {وَلا تُسْرِفُوا:} الإسراف تجاوز الحد فيما يفعله الإنسان، وإن كان في الإنفاق أشهر. وقيل: السرف تجاوز ما حد لك، وسرف المال: إنفاقه في غير منفعة.

ولهذا قال سفيان: ما أنفقت في غير طاعة الله؛ فهو سرف؛ وإن كان قليلا. وقال سعيد بن المسيب: معناه: لا تمنعوا الصدقة. فتأويل الآية على هذا القول: لا تجاوزوا الحد في البخل، والإمساك، حتى تمنعوا الواجب من الصدقة. وهذان القولان يشتركان في أن المراد من الإسراف: مجاوزة الحد، إلا أن الأول في البذل، والإعطاء، والثاني في الإمساك، والبخل.

{إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} أي: يبغضهم، وعليه فعدم محبة الله لهم كناية عن البغض، والسخط، والغضب، ومحبته للعبد رضاه عنه، وغفر ذنوبه، وستر عيوبه.

الإعراب: {وَهُوَ:} (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الَّذِي:}

اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ. {أَنْشَأَ:} ماض، وفاعله يعود إلى الموصول، وهو العائد. {جَنّاتٍ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {مَعْرُوشاتٍ:} صفة {جَنّاتٍ} منصوب مثله. {وَغَيْرَ:} معطوف على:

{مَعْرُوشاتٍ،} وغير مضاف، و {مَعْرُوشاتٍ:} مضاف إليه، وجملة: {أَنْشَأَ..}. إلخ لا محل لها صلة الموصولة، والجملة الاسمية: {وَهُوَ الَّذِي} مستأنفة لا محل لها. {وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ:}

معطوفان على جنات، فهو من عطف الخاص على العام. {مُخْتَلِفاً:} حال مما قبله، وهذه الحال مقدرة؛ لأن النخل، والزرع وقت خروجه لا أكل منه، حتى يكون مختلفا، أو متفقا، وهو مثل قولهم: مررت برجل معه صقر صائدا به غدا، وقوله تعالى: {فَادْخُلُوها خالِدِينَ} أوضح. أي:

مقدرا لكم الخلود فيها. {أُكُلُهُ:} فاعل {مُخْتَلِفاً} لأنه اسم فاعل، والهاء في محل جر بالإضافة، والضمير عائد للزرع، والباقي مقيس عليه، أو النخل، والزرع داخل في حكمه لكونه معطوفا عليه، أو للجميع على تقدير: «أكل ذلك» أو «كلّ واحد منهما». {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمّانَ:}

<<  <  ج: ص:  >  >>