والحيوان. ومعنى هذا الكلام: إنكار: أن الله حرم شيئا من هذه الأجناس الأربعة، ذكرا كان، أو أنثى، وما تحمل إناثها، ردّا عليهم، فإنهم كانوا يحرمون ذكور الأنعام تارة، وإناثها تارة أخرى، وأولادها كيف كانت تارة زاعمين: أنّ الله حرمها، فقيل لهم: من أين جاء التحريم؟ فإن كان من قبل الذكورة، فجميع الذكور حرام، وإن كان من قبل الأنوثة فجميع الإناث حرام، وإن كان من قبل اشتمال الرحم فالزوجان حرام، فمن أين جاء التخصيص ببعض المذكورات؟
{أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصّاكُمُ اللهُ بِهذا:} هذا توبيخ آخر، والمعنى: هل كنتم حضورا مع الله وقت وصاكم به؛ لأنكم لا تؤمنون بنبي، فلا طريق لكم إلا المشاهدة، والسماع، فاعتمدتم ذلك، لا بل أنتم كاذبون مفترون هذا التحريم، وهذا التحليل. {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ:} حيث نسب إليه تحريم ما لم يحرم، وهل يوجد أشقى، وأشد ظلما، وأبعد عن الحق ممن يكذب على الله، ويضيف إليه شيئا لا أصل له، يفعل ذلك؛ ليضل الناس عن طريق الحق، والصواب.
قيل: المراد بذلك عمرو بن لحي الخزاعي؛ لأنه أول من بحر البحائر، وسيب السوائب، وغير دين إبراهيم-عليه الصلاة والسّلام-ويدخل في هذا الوعيد كل من كان على طريقته، أو ابتدع شيئا لم يأمر به الله، ولا رسوله، ونسب ذلك إلى الله تعالى؛ لأن اللفظ عام، فلا وجه للتخصيص. {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ} أي: إن الله لا يرشد، ولا يوفق من كذب على الله، وأضاف إليه ما لم يشرعه لعباده. هذا؛ وانظر:{الْقَوْمَ} في الآية رقم [٥/ ٢٠] وانظر (الظلم) في الآية رقم [٥/ ٥١] وانظر: غير في سورة (الفاتحة).
الإعراب:{وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} هذا الكلام معطوف على مثله في الآية السابقة، وهو مثله قراءة، وإعرابا. {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ} انظر إعراب هذا الكلام في الآية السابقة، وأضيف هنا: أن الجملة الفعلية:
{آلذَّكَرَيْنِ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وأن الجملة الفعلية:{قُلْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {أَمِ:} حرف عطف، وهي بمعنى: بل، وتسمى منقطعة، بخلاف سابقتها، فإنها متصلة؛ لأنها معادلة للهمزة، فهي عاطفة. {كُنْتُمْ شُهَداءَ} كان، واسمها، وخبرها، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق ب: {شُهَداءَ} وهو أولى من تعليقه ب: (كان). {وَصّاكُمُ اللهُ} ماض، ومفعوله، وفاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها. {بِهذا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء حرف تنبيه مقحم بينهما لا محل له. (من): اسم استفهام بمعنى النفي مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَظْلَمُ:} خبره. {مِمَّنِ:} جار ومجرور متعلقان ب {أَظْلَمُ} لأنه صيغة تفضيل، و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة. {اِفْتَرى:} ماض مبني