{ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ:}{تَتَّقُونَ:} لتكونوا على رجاء إصابة التقوى، ذكر سبحانه أولا:{تَعْقِلُونَ} ثم: {تَذَكَّرُونَ} ثم: {تَتَّقُونَ} لأنهم إذا عقلوا؛ تفكروا، ثم تذكروا، أي: اتعظوا فاتقوا المحارم. انتهى. نسفي بتصرف.
قال سليمان الجمل: وحاصل ما ذكر في هاتين الآيتين-يعني السابقتين إلى:{تَذَكَّرُونَ} من المحرمات عشرة أشياء: خمسة بصيغ النهي، وخمسة بصيغ الأمر، وتؤول الأوامر بالنهي لأجل التناسب، ثم قال: وفي أبي السعود، وهذه الأحكام العشرة لا تختلف باختلاف الأمم والأعصار.
وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: هذه آيات محكمات، لم ينسخهن شيء في جميع الكتب، وهن محرمات على بني آدم كلهم، وهن أم الكتاب، من عمل بهن دخل الجنة، ومن تركهن دخل النار. وعن كعب الأحبار، والذي نفس كعب بيده: إن هذه الآيات لأول شيء في التوراة. بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ..}. الآيات. انتهى بحروفه.
الإعراب:{وَأَنَّ:} الواو: حرف عطف. (أنّ): حرف مشبه بالفعل على تشديد النون، ومخففة من الثقيلة على سكونها، واسمها ضمير الشأن محذوف، التقدير: أنه. {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم: (أنّ) أو في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {صِراطِي:} خبر (أنّ)، أو خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة؛ والجملة الاسمية:{هذا صِراطِي} في محل رفع خبر (أنّ). وعلى تخفيفها، وعلى فتح همزتها تؤول مع اسمها، وخبرها بمصدر في محل جر بحرف الجر محذوف، التقدير، ولأن هذا... إلخ، والجار والمجرور هذان معطوفان على المصدر المؤول من قوله:{أَلاّ تُشْرِكُوا} والمجرور بحرف جر محذوف، وعلى كسر همزة (إنّ)، فالجملة تكون اسمية، وهي مستأنفة لا محل لها، وعطفها على الجملة الاسمية:{ذلِكُمْ وَصّاكُمْ..}. إلخ ممكن. هذا؛ وقد ذكر أبو البقاء في المصدر المؤول على فتح همزة (أن) ثلاثة أوجه: أحدها تقدير: ولأن هذا؛ واللام متعلقة بقوله:{فَاتَّبِعُوهُ} أي: ولأجل استقامته اتبعوه. والثاني: أنه معطوف على: {ما حَرَّمَ..}.
إلخ أي: وأتلو عليكم: أن هذا صراطي. والثالث: هو معطوف على الهاء في: {وَصّاكُمْ بِهِ}.
وهو فاسد. وأقول المرضي من أقواله الثلاثة الثاني، وهو مقارب لما ذكرته في الإعراب، {مُسْتَقِيماً:} حال من: {صِراطِي،} وهي حال مؤكدة، والعامل فيها اسم الإشارة. {فَاتَّبِعُوهُ:}
الفاء: هي الفصيحة. (اتبعوه): أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ذلك حاصلا وواقعا؛ فاتبعوا هذا الصراط المستقيم، وانظر الآية رقم [٣٩]. (لا): ناهية. {تَتَّبِعُوا:} مضارع مجزوم ب: (لا) الناهية... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على