للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجمعين، ولأن الأصل في الاستثناء أن يكون من جنس المستثنى منه، وقوله تعالى: {كانَ مِنَ الْجِنِّ} أي: صار من الجن، كقوله تعالى: {فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} أي: صار من المغرقين. وقيل:

الاستثناء منقطع؛ لأنه لم يكن من الملائكة، بل كان من الجن بالنص. وهو قول الحسن، وقتادة، ولأنه خلق من نار، والملائكة خلقوا من نور، ولأنه أبى، وعصى، واستكبر، والملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، ولا يستكبرون عن عبادته، ولأنه قال تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي} ولا نسل للملائكة. وعن الجاحظ: إن الجن، والملائكة جنس واحد، فمن طهر منهم؛ فهو ملك، ومن خبث منهم؛ فهو شيطان، ومن كان بين بين؛ فهو جني.

هذا؛ والسجود في الأصل: تذلل مع تطامن، وفي الشرع: وضع الجبهة على الأرض على قصد العبادة. والمأمور به إما المعنى الشرعي، فالمسجود له في الحقيقة هو الله تعالى، وجعل آدم قبلة سجودهم، تعظيما لشأنه، أو سببا لوجوبه، كما جعلت الكعبة قبلة للصلاة، والصلاة لله، فمعنى: «اسجدوا له» أي: إليه، وأما المعنى اللغوي، وهو التواضع لآدم تحية، وتعظيما له، كسجود إخوة يوسف له في قوله تعالى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} فلم يكن فيه وضع الجبهة على الأرض، إنما كان بالانحناء، فلما جاء الإسلام؛ أبطل ذلك بالسلام.

الإعراب: {وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ:} انظر إعراب مثله في الآية السابقة. {ثُمَّ:} حرف عطف.

{صَوَّرْناكُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {لِلْمَلائِكَةِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {اُسْجُدُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون؛ لأن مضارعه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. هذا الإعراب هو المتعارف عليه في مثل هذه الكلمة، والإعراب الحقيقي أن تقول: مبني على السكون المقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بالضم الذي جيء به لمناسبة الواو. ويقال: منع من ظهوره إرادة التخلص من التقاء الساكنين، وحرك بالضمة لمناسبة واو الجماعة. وقل مثله في قولك: (احفظا واسجدا) والمانع من ظهور السكون الفتح الذي جيء به لمناسبة ألف الاثنين، وأيضا قولك (احفظي، واسجدي) والمانع من ظهور السكون الكسر الذي جيء به لمناسبة ياء المؤنثة المخاطبة. {لِآدَمَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، وجملة: {اُسْجُدُوا لِآدَمَ} في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْنا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. {فَسَجَدُوا:} فعل، وفاعل، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا وانظر إعراب: {قالُوا} في الآية رقم [٥]. {إِلاّ:}

أداة استثناء. {إِبْلِيسَ:} مستثنى، وهل هو متصل، أو منقطع فيه خلاف، كما رأيت في الشرح.

{لَمْ:} حرف نفي وقلب وجزم. {يَكُنْ:} مضارع ناقص مجزوم ب‍: {لَمْ،} واسمه ضمير مستتر تقديره: «هو». {مِنَ السّاجِدِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر {يَكُنْ،} والجملة الفعلية: {لَمْ يَكُنْ..}.

<<  <  ج: ص:  >  >>