(البقرة) رقم [٣٥] قوله {رَغَداً} ورغد العيش من باب: ظرف، وطرب، فهو راغد، وهو في رغد من العيش، أي: في رزق واسع، وأرغد القوم: أخصبوا. كما ذكر سبحانه في سورة (البقرة){وَكُلا} بالواو، وقال هنا {فَكُلا} بالفاء.
قال الإمام فخر الدين الرازي مبينا الفرق بينهما: إن الواو تفيد الجمع المطلق، والفاء تفيد الجمع على سبيل التعقيب، فالمفهوم من الفاء نوع داخل تحت المفهوم من الواو، ولا منافاة بين النوع، والجنس، ففي سورة (البقرة) ذكر الجنس، وهنا ذكر النوع. انتهى خازن، ولا تنس: أن هذا الكلام قد خوطب به آدم بعد طرد إبليس من الجنة، وهو ما أفادته الآية السابقة.
الإعراب:{وَيا آدَمُ:} الواو: حرف استئناف. (يا): حرف نداء ينوب مناب أدعو. (آدم):
منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب ب:(يا)، والجملة الندائية، وما بعدها من جمل في محل نصب مقول القول، التقدير: وقلنا: يا آدم... إلخ، وقد ذكر هذا القول في آية (البقرة) رقم [٣٥]. {اُسْكُنْ:} فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر تقديره:«أنت». {أَنْتَ:} ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع توكيد للضمير المستتر في: {اُسْكُنْ}. {وَزَوْجُكَ:} معطوف على الضمير المستتر، والكاف في محل جر بالإضافة. {الْجَنَّةَ:} مفعول به، وهو منصوب على الظرفية المكانية عند بعض النحاة، وفي مقدمتهم سيبويه، والمحققون على رأسهم الأخفش، ينصبونه على التوسع في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب انتصاب المفعول به على السعة بإجراء اللازم مجرى المتعدي، وقل مثل ذلك في:(دخلت المدينة، ونزلت البلد، وسكنت الشام). {فَكُلا:} الفاء: حرف عطف. (كلا): فعل أمر مبني على حذف النون، والألف فاعله، وانظر إعراب:(اسجدوا) في الآية رقم [١١]. {مِنْ حَيْثُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و {حَيْثُ} مبني على الضم في محل جر. {شِئْتُما:} فعل، وفاعل، والميم والألف حرفان دالان على التثنية، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {حَيْثُ} إليها. {وَلا:} الواو:
حرف عطف. (لا): ناهية جازمة. {تَقْرَبا:} مضارع مجزوم بلا، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وألف الاثنين فاعله. {هذِهِ:} اسم إشارة مبني على الكسرة في محل نصب مفعول به، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {الشَّجَرَةَ:} بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه، ولا تجوز الوصفية هنا؛ لأنه اسم جامد. {فَتَكُونا:} الفاء: هي السببية. (تكونا): مضارع ناقص منصوب ب: «أن» مضمرة بعد الفاء، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وألف الاثنين اسمه. {مِنَ الظّالِمِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب خبره، و «أن» المضمرة والفعل: (تكونا) في تأويل مصدر معطوف بالفاء على مصدر متصيد من الفعل السابق، التقدير:«لا يكن منكما قرب من الشجرة، فظلم لنفسيكما». هذا؛ وجوز أن تكون الفاء عاطفة، وأنّ الفعل:(تكونا) مجزوم بسبب العطف على النهي، ولكن الأول أقوى معنى، وأتم سبكا،