الإخراج. {سَوْآتِهِما:} انظر الآية رقم [٢٠]. {وَقَبِيلُهُ:} جنوده، وأعوانه، وذريته. هذا؛ و (القبيل) جمع: قبيلة، وهي الجماعة المجتمعة التي يقابل بعضهم بعضا، وقال الليث: كل جيل من إنس، وجن قبيل. {مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ،} فهذا نص صريح على أن الشياطين يروننا، ولا نراهم. قال العلماء: إن الله خلق في عيون الجن إدراكا، يرون بذلك الإدراك الإنس، ولم يخلق في عيون الإنس هذا الإدراك، فلم يروا الجن. انتهى.
ولهذا كانت محاربة الشيطان، والتحرز من كيده أشد من محاربة عدو الحرب والمبارزة في الميدان، فعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «إنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم». وجعلت صدور بني آدم مساكن لهم إلا من عصمه الله تعالى، كما قال تعالى {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ}. وقال مجاهد: قال إبليس: جعل لنا أربعة: نرى، ولا نرى، ونخرج من تحت الثرى، ويعود شيخنا فتى. {أَوْلِياءَ:} يتولون أمورهم، ويتلاعبون بهم كما يشاءون، وانظر الآية رقم [٣]. هذا؛ وأما المؤمنون؛ فهم في أمان من كيدهم، وحرز من شرهم. بعد هذا انظر شرح (الشيطان) في الاستعاذة. هذا؛ وقد قال البيضاوي: والآية مقصود القصة، وفذلكة الحكاية.
فائدة: قال ذو النون-رحمه الله تعالى-: إن كان هو يراك من حيث لا تراه؛ فاستعن بمن يراه من حيث لا يراه، وهو الله الكريم الستار، الرحيم الغفار. وانظر (نا) في الآية رقم [٧].
فائدة:«حيث» مبنية، وإنما بنيت؛ لأنها لا تدل على موضع بعينه، ولأن ما بعدها من تمامها كالصلة من الموصول، وبنيت على حركة؛ لأن قبل آخرها ساكنا، وكان الضم أولى بها بحركتها؛ لأنها غاية، فأعطيت غاية الحركات، وهي الضمة؛ لأن الضمة أقوى الحركات.
وقيل: بنيت على الضم؛ لأن أصلها:«حوث» فدلت الضمة على الواو، وبجوز فتحها. وفي حيث ست لغات: بالياء مع الضم والفتح والكسر، والواو مع الضم، والفتح، والكسر، وهي:
حيث، وحيث، وحيث، وحوث، وحوث، وحوث.
الإعراب:{يا بَنِي آدَمَ:} انظر الآية السابقة. {لا:} ناهية جازمة. {يَفْتِنَنَّكُمُ:} مضارع على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، وهو في محل جزم بلام الناهية، والكاف مفعول به، والميم علامة جمع الذكور. هذا؛ والنهي في اللفظ ل:{الشَّيْطانُ} ورأيت في الشرح المراد منه. {الشَّيْطانُ:} فاعله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها، ولا تصالح الحالية هنا؛ لأنها إنشائية:{كَما} الكاف: حرف تشبيه وجر. (ما):
مصدرية. {أَخْرَجَ:} ماض، وفاعله يعود إلى {الشَّيْطانُ}. {أَبَوَيْكُمْ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة، والكاف ضمير في محل جر بالإضافة. {مِنَ الْجَنَّةِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (ما) المصدرية، والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالكاف، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف واقع مفعولا مطلقا، التقدير:
«لا يفتننكم الشيطان فتنة كائنة، أو مثل فتنة أبويكم». وهذا ليس مذهب سيبويه، وإنما مذهبه في