هذا؛ وأصل الإفك: قلب الشيء عن وجهه، ومنه قيل للكذاب: أفاك لأنه يقلب الكلام عن وجهه الصحيح إلى الباطل. وانظر الآية رقم [٩٥] من سورة (الأنعام).
تنبيه: قال ابن زيد: كان اجتماعهم بالإسكندرية، فيقال: بلغ ذنب الحية من وراء البحر، ثم فتحت فاها ثمانين ذراعا، فإذا هي تبتلع كل شيء أتوا به من السحر، فكانت تبتلع حبالهم، وعصيهم واحدا واحدا حتى ابتلعت الكل، وقصدت القوم الذين حضروا ذلك المجمع، ففزعوا، ووقع الزحام بينهم، فمات من ذلك الزحام خمسة وعشرون ألفا، ثم أخذها موسى، فعادت في يده عصا، كما كانت أول مرة، فلما رأى السحرة ذلك؛ عرفوا: أنه من أمر السماء، وليس بسحر، وعرفوا: أن ذلك ليس من قدرة البشر، فعند ذلك خروا سجدا، وقالوا: {قالُوا آمَنّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ}. انتهى خازن.
تنبيه: إلقاء العصا، وانقلابها حية وقع مرتين بحضرة فرعون، الأولى كانت سببا في جمع السحرة، والثانية بحضرتهم، فالأولى ذكرت في الآية رقم [١٠٦] والثانية هي المذكورة هنا، ووقع انقلابها مرة ثالثة، ولم يكن هناك أحد غير موسى، وقد ذكرت في سورة (طه)، وكانت في طريق عودته من مدين إلى مصر. تأمل.
تنبيه: لقد جرت سنة الله أن يؤيد الرسول بمعجزة من جنس ما برع به قومه، فقوم موسى برعوا بالسحر، فأيده بانقلاب العصا حية، وقوم عيسى برعوا بالطب، فأيده الله بإحياء الموتى، وإبراء الأكمه، والأبرص، وقوم محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين بالفصاحة والبلاغة، فأيده الله بالقرآن الكريم.
الإعراب:{وَأَوْحَيْنا:}(أوحينا): فعل، وفاعل. وانظر إعراب:{وَجَعَلْنا} في الآية رقم [١٠].
{إِلى مُوسى:} متعلقان بالفعل قبلهما. {أَنْ:} حرف تفسير. وقيل: مصدرية. {أَلْقِ:} أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر، تقديره:
«أنت». {عَصاكَ:} مفعول به منصوب... إلخ، والكاف في محل جر بالإضافة، وجملة:{أَلْقِ عَصاكَ} مفسرة لا محل لها، وعلى اعتبار {أَنْ} مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به. وأراه ضعيفا. وجملة:{وَأَوْحَيْنا..}. إلخ معطوفة على جواب لما لا محل لها {فَإِذا:} الفاء: حرف عطف، ولا بد من تقدير جملة قبلها؛ ليترتب ما بعد الفاء عليها، كما رأيت في الآيتين رقم [١٠٧ و ١٠٨] التقدير: فألقاها، فإذا هي، ومن جوز أن تكون الفاء زائدة في نحو:
«خرجت؛ فإذا الأسد حاضر» جوز زيادتها هنا، وعلى هذا تكون هذه الجملة قد أوحيت إلى موسى، كالتي قبلها، وأما على اعتبار الفاء عاطفة فالجملة غير موحى بها إليه. انتهى جمل نقلا عن السمين. {فَإِذا هِيَ} انظر الآية رقم [١٠٧]. {تَلْقَفُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (حية).
{ما:} تحتمل الموصوفة والموصولة والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة بعدها صفتها، أو صلتها والرابط أو العائد محذوف، التقدير: تلقف شيئا، أو