و {يَعْكُفُونَ:} يعبدون. قرئ بضم الكاف وكسرها من بابي: ضرب، ونصر. وانظر: {قَوْمٍ} في الآية رقم [٣٢] و (أتوا) في الآية رقم [٣٤]. وقل في إعلاله: أصله: (أتيوا) استثقلت الضمة التي على الياء، فحذفت، فالتقى ساكنان، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وبقيت الفتحة على التاء، ويقال في إعلاله أيضا تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فصار (أتاوا) فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، وبقيت الفتحة على التاء لتدل على ذلك المحذوف.
{قالُوا:} انظر «القول» في الآية رقم [٥]. {يا مُوسَى:} انظر الآية رقم [١٠٣]. {اِجْعَلْ لَنا إِلهاً:} تمثالا نعبده ونعظمه. {كَما لَهُمْ آلِهَةٌ:} أصنام وتماثيل يعبدونها ويعظمونها.
قال البغوي-رحمه الله-: لم يكن ذلك شكّا من بني إسرائيل بوحدانية الله تعالى، وإنما معناه: اجعل لنا شيئا نعظمه، ونتقرب بتعظيمه إلى الله تعالى، وظنوا: أن ذلك لا يضر الديانة، وكان ذلك لشدة جهلهم. {تَجْهَلُونَ:} انظر الجهل، والجاهل في الآية رقم [٦/ ٣٥]. هذا؛ وقد وصفهم الله بالجهل المطلق، وأكده لبعد ما صدر عنهم بعد ما رأوا من الآيات الكبرى.
عن أبي واقد الليثي-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما خرج إلى غزوة حنين مرّ بشجرة للمشركين كانوا يعلّقون عليها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فقالوا: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال: «سبحان الله! هذا كما قال قوم موسى: {اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ} والذي نفسي بيده؛ لتركبنّ سنن من قبلكم». أخرجه الترمذي. انتهى خازن.
تنبيه: قال يهودي لعلي-رضي الله عنه-: اختلفتم بعد نبيكم قبل أن يجف ماؤه، فقال:
قلتم اجعل لنا إلها، ولم تجف أقدامكم. أي: من البحر. انتهى نسفي. وانظر الآية رقم [٣٢] من سورة (الأنفال).
الإعراب: {وَجاوَزْنا:} (جاوزنا): فعل، وفاعل. {بِبَنِي إِسْرائِيلَ} انظر الآية السابقة لإعرابهما، والجار والمجرور متعلقان بما قبلهما. {الْبَحْرَ:} مفعول به، وجملة: {وَجاوَزْنا..}.
إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا. {فَأَتَوْا:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا. {عَلى قَوْمٍ:} متعلقان بما قبلهما. {يَعْكُفُونَ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل جر صفة: {قَوْمٍ}. {عَلى أَصْنامٍ:} متعلقان بما قبلهما. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {أَصْنامٍ} {قالُوا يا مُوسَى} انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [١٣٤] وهي مستأنفة، لا محل لها. {اِجْعَلْ:} أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {لَنا:}
متعلقان بما قبلهما، على أنهما مفعوله الأول. {إِلهاً:} مفعوله الثاني. هذا؛ ويجوز أن يكون {لَنا} متعلقين بمحذوف حال من: {إِلهاً،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، وجملة:
{اِجْعَلْ..}. إلخ في محل نصب مقول القول {كَما لَهُمْ آلِهَةٌ}. قال أبو البقاء في (ما) ثلاثة