للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين، والدنيا. وانظر شرح: {شَيْءٍ} في الآية رقم [٨٥]. {مَوْعِظَةً:} هي كلام الذي يفيد الزجر عما لا ينبغي في طريق الدين. {وَتَفْصِيلاً:} تبيينا للأحكام وانظر الآية رقم [٥٢].

{فَخُذْها بِقُوَّةٍ:} خذ الألواح، أو ما فيها من التعاليم والتشريع بجد واجتهاد. هذا؛ وأصل (خذ) أؤخذ، لكن لم يستعمل على الأصل، وحذفت الهمزتان تخفيفا لاجتماع الضمات، وهذا الحذف واقع في الأمر المأخوذ من (أمر وأكل) فيقال: مر وكل، وقد قالوا: اؤمر واؤخذ، فاستعمل على الأصل، ومنه {وَأْمُرْ} في هذه الآية وفي الآية رقم [١٣٢] من سورة (طه)، والآية رقم [١٧] من سورة (لقمان).

{وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها:} المراد بأحسن ما فيها، وذلك كالعفو والقود، والصبر على الإيذاء والانتصار من المؤذي، والمأمور به، والمباح، فأمروا أن يأخذوا بما هو أكثر ثوابا، وإن كان فيه مشقة على النفس. هذا؛ وقد قيل: إن (أحسن) بمعنى: (حسن). وانظر (قوم) في الآية رقم [٣٢]. {سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ} أي: دار فرعون وقومه بمصر خاوية على عروشها، أو دار عاد وثمود وأضرابهم؛ لتعتبروا فلا تفسقوا. هذا؛ وقد قرئ «(سأوريكم)» بمعنى: سأبين لكم من أوريت الزند، وقرئ «(سأورثكم)» ويؤيده نص الآية رقم [١٣٧] هذا؛ وانظر شرح: {دارِهِمْ} في الآية رقم [٧٨]. {الْفاسِقِينَ:} الكافرين المعاندين. هذا؛ وأصل الفسق: الخروج عن القصد، والفاسق في الشرع: الخارج عن أوامر الله تعالى بارتكاب المعاصي، وله ثلاث درجات.

الأولى: التغابي، وهو أن يرتكب الكبيرة أحيانا مستقبحا إياها، والثانية: الانهماك، وهو أن يعتاد ارتكابها غير مبال بها، والثالثة: الجحود، وهو أن يرتكب الكبيرة مستصوبا إياها، فإذا شارف هذا المقام، وتخطى خططه خلع ربقة الإيمان من عنقه، ولابس الكفر، وما دام في درجة التغابي، أو الانهماك فلا يسلب عنه اسم المؤمن؛ لاتصافه بالتصديق، الذي هو مسمى الإيمان. انتهى. بيضاوي.

تنبيه: يفهم من قوله تعالى: {وَكَتَبْنا لَهُ} أن الله تعالى خط التوراة في الألواح بيده، وجاء في حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس شجرة طوبى بيده». وروي أنه لم يحفظ التوراة عن ظهر قلب إلا أربعة نفر: موسى ويوشع بن نون، وعزير، وعيسى على نبينا وعليهم الصلاة والسّلام، وذلك لعظم حجمها، وكثرة الأحكام فيها، انظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٥٨] من سورة (البقرة)، والآية رقم [٣١] من سورة (التوبة). هذا؛ وفي قوله {سَأُرِيكُمْ} التفات إلى الخطاب بعد الغيبة، انظر الآية رقم [٦] من سورة (الأنعام).

الإعراب: (كتبنا): فعل، وفاعل. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {فِي الْأَلْواحِ:}

متعلقان بما قبلهما. {مِنْ كُلِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما على أنهما في محل نصب مفعول به، وإن اعتبرت {مِنْ} صلة يظهر لك ذلك جليّا، و {كُلِّ:} مضاف، و {شَيْءٍ:} مضاف إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>