للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى. وقيل: هذا الكلام من تمام كلام موسى عليه السّلام، أخبر الله-عز وجل-به عنه، ثم قال تعالى: {وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} وكان هذا القول من موسى قبل أن يتوب الله عليهم بقتلهم أنفسهم، فإنهم لما تابوا، وعفا الله عنهم بعد أن جرى القتل العظيم فيهم أخبرهم أن من مات منهم قتيلا فهو شهيد، ومن بقي حيّا؛ فهو مغفور له. انتهى. قرطبي. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٤] (البقرة). {رَبِّهِمْ:} انظر الآية رقم [٣].

{وَذِلَّةٌ:} فعذبوا بالأمر بقتل أنفسهم، وضربت عليهم الذلة والمسكنة إلى يوم القيامة.

وانظر الآية رقم [٦١] (البقرة) تجد ما يسرك. {فِي الْحَياةِ الدُّنْيا:} انظر الآية رقم [٦/ ٢٩].

{الْمُفْتَرِينَ} أي: على الله، ولا فرية أعظم من فريتهم، وهي قولهم: {هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ} ولعله لم يفتر مثلها أحد قبلهم، ولا بعدهم.

هذا؛ وقال أبو قلابة: الذلة والله جزاء كل مفتر إلى يوم القيامة! وقال سفيان بن عيينة: هذا في كل مبتدع إلى يوم القيامة. وقال الإمام مالك-رضي الله عنهم أجمعين-: ما من مبتدع إلا وهو يجد فوق رأسه ذلك، ثم قرأ هذه الآية، وقال: والمبتدع مفتر في دين الله. وانظر:

{نَجْزِي} في الآية رقم [١٢٠] من سورة (الأنعام).

تنبيه: روي أن موسى-عليه السّلام-أمر بذبح العجل، فجرى منه دم، ثم حرقه، ثم ذراه في البحر، كما جاء في سورة (طه): {لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً}.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها، وجملة: {اِتَّخَذُوا الْعِجْلَ} صلة الموصول لا محل لها، والعائد واو الجماعة.

{سَيَنالُهُمْ:} مضارع، والسين حرف استقبال، والهاء مفعول به. {غَضَبٌ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إن)، والجملة الاسمية: {إِنَّ..}. إلخ في محل نصب مقول القول إن كانت من كلام موسى، ومستأنفة إن كانت من مقول الباري، جل علاه. {مِنْ رَبِّهِمْ:} متعلقان ب‍: {غَضَبٌ} لأنه مصدر، أو بمحذوف صفة له. (ذلة): معطوفة على: {غَضَبٌ}. {فِي الْحَياةِ:} متعلقان ب‍ (ذلة)، أو بمحذوف صفة له. {الدُّنْيا:} صفة: {الْحَياةِ} مجرورة، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر (كذلك) الكاف: حرف تشبيه، وجر، و (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله ما بعده، التقدير:

نجزي المفترين جزاء كائنا مثل ذلك الجزاء. {نَجْزِي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {الْمُفْتَرِينَ:} مفعول به منصوب... إلخ، والجملة الفعلية مستأنفة؛ إن كان ما قبلها من كلام موسى، وكذا إن كان من مقول الباري، جل علاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>