للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ لله تسعة وتسعين اسما من حفظها دخل الجنة، والله وتر يحبّ الوتر». وفي رواية: «من أحصاها». متفق عليه، قال البخاري: أحصاها: حفظها، وقد ذكر سبحانه (الأسماء الحسنى) في أربع آيات، أولها في هذه الآية، وثانيها في آخر سورة (الإسراء) وثالثتها في أول سورة (طه) ورابعتها في آخر سورة الحشر، وسأذكرها بالتفصيل في سورة الإسراء إن شاء الله تعالى. وأسماء جمع: اسم، انظر اشتقاقه في البسملة أول هذا الكتاب. هذا؛ والحسنى مؤنث الأحسن كالكبرى مؤنث الأكبر، والصغرى مؤنث: الأصغر. وقيل: بل هو مصدر وصف به كالرجعى، وأفرده كما أفرد وصف ما لا يعقل في قوله: {وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى} وانظر الآية رقم [٩/ ٥٣]. {فَادْعُوهُ بِها:} ادعوا الله بأسمائه التي سمى بها نفسه، أو سماه بها رسوله.

وقال القرطبي: أي: اطلبوا منه بأسمائه، فيطلب منه بكل اسم ما يليق به، تقول: يا رحيم ارحمني، ويا غفور اغفر لي! وهكذا.

وللدعاء شرائط: منها: أن يعرف الداعي معاني الأسماء التي يدعو بها، ويستحضر في قلبه عظمة المدعو سبحانه وتعالى، ويخلص النية في دعائه مع كثرة التعظيم، والتقديس لله، ويعزم المسألة مع رجاء الإجابة، ويعترف لله سبحانه بالربوبية، وعلى نفسه بالعبودية. فإذا فعل العبد ذلك، عظم موقع الدعاء، وكان له تأثير عظيم. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٥]. {وَذَرُوا:}

اتركوا. وانظر الآية رقم [٧٠]. {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ:} الإلحاد في اللغة: الميل عن القصد، والعدول عن الاستقامة، ولتفسيره فيه أقوال:

منها ما كان الجاهليون يفعلونه من تسمية أصنامهم بالآلهة، واشتقوا لها أسماء من أسماء الله تعالى، فسموا اللات مشتقّا من الإله، والعزى مشتقّا من العزيز، ومناة مشتقّا من المنان. وهذا معنى قول ابن عباس، ومجاهد. ومنها تسمية الله تعالى بما لم يسم به نفسه، ولم يرد فيه نص من كتاب، ولا سنة، ومنها سوء الأدب في الدعاء، مثل أن يقول: يا خالق القردة. ومنها أن يدعو العبد الله باسم لا يعرف معناه. هذا؛ ويقرأ الفعل: «يلحدون» بضم الياء وكسر الحاء من: ألحد الرباعي، وبفتحهما من: لحد الثلاثي. {سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ:} انظر شرح هذه الجملة في الآية رقم [٦/ ١٢٠] تجد ما يسرك، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَلِلّهِ:} الواو: حرف استئناف. (لله): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {الْأَسْماءُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {الْحُسْنى:} صفة:

{الْأَسْماءُ} مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. {فَادْعُوهُ:} الفاء: هي الفصيحة. وانظر الآية رقم [٣٧]. (ادعوه): أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والهاء مفعوله. وانظر إعراب: {اُسْجُدُوا} في الآية رقم [١١] والجملة الفعلية لا محل لها على جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>