ويطمئن إليها اطمئنان الشيء إلى جزئه، أو جنسه. {فَلَمّا تَغَشّاها:} جامعها، كنى به عن الجماع أحسن كناية. لأن الغشيان إتيان الرجل المرأة، وقد غشيها، وتغشاها: إذا علاها، وتجللها. والتعبير بما رأيت أدب من آداب القرآن الكريم وهو كثير، فقد رأيت التعبير بالمس في الآية رقم [٢/ ٢٣٦] وهو كناية عن الجماع، وكذلك {لامَسْتُمُ} في الآية رقم [٣/ ٤٣] وفي الآية رقم [٥/ ٧] كناية عن الجماع أيضا عند بعض الفقهاء والمفسرين وغير ذلك، وهذا الأدب تجده في أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها: «ما رأيت منه» أي من النبي صلّى الله عليه وسلّم «ولا رأى مني» تعني الفرج. {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً} أي:
لم تلق منه ما يلقى الحبالى من النساء من الكرب والأذى، أثناء الحمل، ولم تستثقله كما يستثقلنه، وهذه الخفة كانت في أول الحمل حين كان نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. {فَمَرَّتْ بِهِ:}
فاستمرت به، أي: قامت وقعدت، وراحت ورجعت، وهي لا تشعر بثقل ذلك الحمل. وقرئ:
«(فمرت)» بالتخفيف وقرئ «(فاستمرت)» و «(فمارت)» من المور، وهو المجيء والذهاب، أو من المرية، وهي الشك، أي فظنت الحمل وارتابت به في أول الأمر. {فَلَمّا أَثْقَلَتْ:} صارت ذا ثقل بكبر الولد في بطنها، وقرب وقت ولادتها. وقرئ بالفعل بالبناء للمجهول، أي: أثقلها حملها.
{دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما} أي: سأل الله آدم وحواء أن يرزقهما ولدا بشرا سويّا مثلهما. {لَئِنْ آتَيْتَنا..}.
إلخ: أي وحقك إن أعطيتنا ما سألناك لنشكرنك على إنعامك وإفضالك. هذا؛ والشكر صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله.
تنبيه: {حَمْلاً:} بفتح الحاء، وسكون الميم، قال ابن السكيت: الحمل بالفتح ما كان في بطن، أو على رأس شجرة، والحمل بالكسر ما كان على ظهر، أو رأس. قال الأزهري: وهذا هو الصواب، وهو قول الأصمعي، وقال القرطبي: وقد حكى يعقوب في حمل النخلة الكسر، وقال أبو سعيد السيرافي: يقال في حمل المرأة حمل وحمل، يشبه مرة لاستبطانه بحمل المرأة، ومرة لبروزه، وظهوره بحمل الدابة. انتهى.
الإعراب: {هُوَ:} ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبره. {خَلَقَكُمْ:} ماض، والكاف مفعول به، والفاعل يعود إلى: {الَّذِي،} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {مِنْ نَفْسٍ:}
متعلقان بما قبلهما. {واحِدَةٍ:} صفة: {نَفْسٍ،} وجملة: {وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها} معطوفة على جملة الصلة، لا محل لها مثلها. {لِيَسْكُنَ:} مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى: {نَفْسٍ،} وقد ذكر باعتبار المعنى؛ لأن المقصود آدم، وهو مذكر. {إِلَيْها:}
جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل: (جعل)، التقدير: جعل منها زوجها؛ لسكونه إليها.