من ذمامه حتى يصل إلى ديارهم، فتخوف أن لا يروا نصرته إلا على عدو دهمه بالمدينة، فقام سعد بن معاذ فقال: لكأنك تريدنا يا رسول الله، قال: أجل.
قال: إنا قد آمنا بك، وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فو الذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر، فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا، وإنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله، فسر عليه الصلاة والسّلام بذلك، ثم قال:
سيروا على بركة الله، وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين: العير أو النفير، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم، وانتهت غزوة بدر بقتل سبعين وأسر سبعين من رجال قريش، وعلى رأسهم رأس الكفر أبو جهل الخبيث لعنه الله تعالى. {فَرِيقاً}: انظر الآية رقم [٣٠] من سورة الأعراف. {لَكارِهُونَ} أي: الخروج إلى القتال كما رأيت، وتفسير السورة آية آية يوضح لك غزوة بدر، وقد أغرب القرطبي كل الغرابة حين قال: أي لكارهون ترك مكة وترك أموالهم وديارهم؛ فإن مجرى الآيات لا يؤيده أبدا!
الإعراب:{كَما} الكاف: حرف تشبيه وجر. ما: مصدرية. {أَخْرَجَكَ}: ماض، والكاف مفعول به. {رَبُّكَ}: فاعل، والكاف في محل جر بالإضافة. {مِنْ بَيْتِكَ}: متعلقان بالفعل قبلهما، والكاف في محل جر بالإضافة. {بِالْحَقِّ}: متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الكاف المفعول به، أي ملتبسا بالحق، و (ما) المصدرية والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالكاف، والجار والمجرور، ذكر السمين في تعليقهما عشرين وجها، كلها غير معقولة المعنى سوى اعتبارهما متعلقين بمحذوف صفة لمصدر محذوف واقع مفعولا مطلقا، التقدير: قل: الأنفال ثابتة لله والرسول مع كراهيتهم ثبوتا مثل ثبوت إخراج ربك إياك من بيتك، وهم كارهون، وأرى وجها لم يذكره أحد، وهو أن الجار والمجرور متعلقان بخبر محذوف مع مبتدأ محذوف يؤخذ من معنى الكلام السابق، التقدير: شأنهم في اختلاف الغنائم كائن كإخراجك من بيتك بالحق في حال كراهيتهم لهذا الخروج، وقدر الجلال وابن هشام في مغنيه قريبا من هذا، ولكنه غير واضح مثله. تأمل. {وَإِنَّ}: الواو: واو الحال. (إن): حرف مشبه بالفعل. {فَرِيقاً}: اسم (إن). {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: متعلقان ب {فَرِيقاً} أو بمحذوف صفة له.
{لَكارِهُونَ}: اللام: هي المزحلقة. (كارهون): خبر (إن) مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ وفاعله مستتر فيه، ومفعوله محذوف، انظر تقديره في الشرح، والجملة الاسمية (إن...) إلخ في محل نصب حال من كاف الخطاب، والرابط الواو فقط على حد قوله تعالى {قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ}.