وقال له: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فلما التقى الجمعان، تناول كفّا من الحصباء، فرمى بها في وجوههم، وقال:«شاهت الوجوه!»، فلم يبق مشرك إلا وشغل بعينه، فانهزموا وتبعهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم، ثم لما انصرفوا أقبلوا على التفاخر، فيقول الرجل: قتلت وأسرت، فنزلت الآية.
تنبيه: وقيل: المعنى ما رميت بالرعب إذ رميت بالحصباء، ولكن الله رمى بالرعب في قلوبهم، وقيل: إنه نزل في طعنة طعن بها الرسول صلّى الله عليه وسلّم أبي بن خلف يوم أحد، ولم يخرج منه دم، فجعل يخور حتى مات، وقيل: إن هذا الرمي كان يوم وقعة حنين، وقيل: إن المراد بالرمي السهم الذي رمى به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حصن خيبر، فأصاب به ابن أبي الحقيق وهو نائم على فراشه، والمعتمد أن الرمي كان في غزوة بدر.
الإعراب:{فَلَمْ}: الفاء: مفاد كلام الزمخشري: أنها الفصيحة، إذ قدر: إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم، وأراها حرف استئناف، وقيل: هي لربط الكلام بعضه ببعض، فإن أريد معنى، فلا بأس، وإن أريد إعرابا فلا وجه له. (لم): حرف نفي وقلب وجزم. {تَقْتُلُوهُمْ}: مضارع مجزوم ب (لم)، وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة في الفاء. {وَلكِنَّ}: الواو:
حرف عطف. (لكن): حرف مشبه بالفعل. {اللهَ}: اسمها، أو هو مبتدأ على القراءة الثانية.
{قَتَلَهُمْ}: ماض ومفعوله، والفاعل يعود إلى (الله)، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (لكن)، أو خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها. {وَما}: الواو: حرف عطف. (ما):
نافية. {رَمَيْتَ}: فعل وفاعل. {إِذْ}: ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل قبله، وجملة:{رَمَيْتَ} مع المفعول المحذوف في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها، وجملة:{وَما رَمَيْتَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها، وجملة:{وَلكِنَّ اللهَ رَمى} إعرابها مثل سابقتها، وهي معطوفة عليها. {وَلِيُبْلِيَ}: مضارع منصوب ب «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى (الله). {الْمُؤْمِنِينَ}: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {مِنْهُ}: متعلقان باسم المصدر بعدهما، وتعليقهما بمحذوف حال منه جيد؛ وعليه فهو في الأصل صفة، فلما قدم عليه صار حالا، انظر الآية رقم [١١] وقيل: يعود الضمير على الظفر، وقيل: على الرمي، وعليهما فالجار والمجرور متعلقان بالفعل (ليبلي). {حَسَناً}: صفة {بَلاءً،} و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور معطوفان على مثلهما، وهما متعلقان جميعا بفعل محذوف، وتقدير الكلام: فعل الله ذلك؛ ليقهر الكافرين، وليختبر المؤمنين، وهذا الكلام مستأنف لا محل له. {إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {اللهَ}: اسمها.