للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ واختلف في إجابته صلّى الله عليه وسلّم، فقيل: إن إجابته لا تقطع الصلاة؛ لأن الصلاة أيضا إجابة، وقيل: إن دعاءه كان لأمر لا يحتمل التأخير، وهذه الآية مختصة بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، فعلى هذا ليس لأحد أن يقطع صلاته لدعاء أحد آخر، وقيل: لو دعاه أحد لأمر مهم لا يحتمل التأخير، فله أن يقطع صلاته. {لِما يُحْيِيكُمْ}: قال السدي: هو الإيمان؛ لأن الكافر ميت، فيحيا بالإيمان، وقال قتادة: هو القرآن؛ لأنه حياة القلوب، وفيه النجاة والعصمة في الدارين، وقال محمد بن إسحاق: هو الجهاد لأن الله أعزه به بعد الذل، وقيل: هو الشهادة لأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وقيل: هو العلوم الدينية، فإنها حياة القلوب، والجهل موتها، رحم الله القائل: [الرجز]

لا تعجبنّ الجهول حلّته... فذاك ميّت، وثوبه كفن

{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}: قال السدي: يحول بين الإنسان وقلبه، فلا يستطيع أن يؤمن، أو يكفر إلا بإذن الله، قال الخازن: وقد دلت البراهين العقلية على هذا القول؛ لأن أحوال القلوب اعتقادات ودواعي، وتلك الاعتقادات والدواعي لا بد أن تتقدمها الإرادة، وتلك الإرادة لا بد لها من فاعل مختار، وهو الله، فثبت بذلك أن المتصرف في القلب كيف شاء هو الله تعالى. فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث شاء ثم قال: اللهم مصرّف القلوب ثبّت قلوبنا على طاعتك». متفق عليه. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكثر أن يقول: «يا مقلب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك». فقلنا: يا رسول الله قد آمنّا بك، وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: «نعم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلّبها كيف شاء». أخرجه الترمذي، وهذا الحديث من أحاديث الصفات، فيجب تأويلها لتنزيه الله عن الجارحة والجسم، وقيل: معنى {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} هو تمثيل لغاية قربه تعالى من العبد، كقوله {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} وتنبيه على أنه مطلع على مكنونات القلوب ما عسى يغفل عنها صاحبها، وقيل غير ذلك. وفي {يَحُولُ} استعارة تبعية، فمعنى {يَحُولُ} يقرب، أو تمثيلية، وقيل: مجاز مرسل. انتهى. جمل. هذا؛ و {الْمَرْءِ} بفتح الميم وتضم في لغة، والمراد منه الإنسان، وقرئ: «(المر)» بفتح الميم وتشديد الراء، وتوجيهها أن يكون نقل حركة الهمزة إلى الراء، ثم شدد الراء، وأجرى الوصل مجرى الوقف. انتهى. جمل نقلا عن السمين. وانظر الآية رقم [١٧٥] من سورة (النساء).

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}: انظر إعراب هذه الكلمات في الآية رقم [٢٠] والمحال عليها.

{اِسْتَجِيبُوا}: فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، وانظر إعراب:

{اُسْجُدُوا} في الآية رقم [١١] الأعراف والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها. {لِلّهِ}: متعلقان بما قبلهما. {وَلِلرَّسُولِ}: معطوفان على ما قبلهما. {إِذا}: ظرف متعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>