للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا حيلة في نصر المشركين عند ما عاين الملائكة، هذا؛ وإعلال {أَرى} مثل إعلال (ترى) في الآية رقم [١٤٢] الأعراف وإعلال {تَرَوْنَ} مثل إعلال {تَحْيَوْنَ} في الآية [٢٥] (الأعراف).

تنبيه: قيل: إن ما ذكر في الآية الكريمة إنما هو وسوسة وتخييل للمشركين بأنهم لا يغلبون، ولا يطاقون لكثرة عدوهم وعددهم، وأوهمهم أن اتباعهم إياه هو الحق، حتى قالوا: اللهم انصر أهدى الفئتين وأفضل الدينين، وقال جمهور المفسرين: تصور إبليس لهم بصورة سراقة بن مالك المدلجي، وكان تزيينه لما أجمعت قريش على المسير إلى بدر ذكرت الذي بينها وبين بني بكر من حروب، فخافوا من مداهمة مكة، فتبدّى لهم إبليس في صورة سراقة، وكان من أشراف بني كنانة، وقال: أنا جار لكم من أن يأتيكم من كنانة شيء تكرهونه، فخرجوا سراعا، وهو معهم، ويده بيد الحارث بن هشام أخي أبي جهل، فلما حمي وطيس المعركة، وعاين الملائكة تنزل مددا للمسلمين فر هاربا، فقال له الحارث: أتخذلنا في هذه الحالة؟ فقال: إني أرى ما لا ترون، ودفع في صدر الحارث، وانطلق، فانهزموا، فلما بلغوا مكة، قالوا: هزم الناس سراقة، فلما بلغه ذلك، قال: والله ما شعرت بمسيركم، حتى بلغتني هزيمتكم، فلما أسلموا؛ علموا: أنه الشيطان الرجيم.

عن طلحة بن عبيد الله بن كريز: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما رؤي الشيطان يوما، هو فيه أصغر، ولا أدحر، ولا أغيظ، ولا أحقر منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرّحمة، وتجاوز الله عن الذّنوب العظام، إلاّ ما رأى يوم بدر، فإنه قد رأى جبريل يزع الملائكة». أخرجه مالك في موطئه.

الإعراب: {وَإِذْ}: الواو: حرف استئناف. (إذ): مفعول به لفعل محذوف، تقديره: اذكر، أو هو ظرف متعلق بالمحذوف، مبني على السكون في محل نصب. {زَيَّنَ}: ماض. {لَهُمُ}:

متعلقان بالفعل قبلهما. {الشَّيْطانُ}: فاعل. {أَعْمالَهُمْ}: مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم في الكل حرف دال على جماعة الذكور، وجملة: {زَيَّنَ..}. إلخ في محل جر بإضافة (إذ) إليها. {وَقالَ}: ماض، والفاعل يعود إلى {الشَّيْطانُ}. {لا}: نافية للجنس.

{غالِبَ}: اسم {لا} مبني على الفتح في محل نصب. {لَكُمُ}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {لا،} وهذا على لغة الحجازيين الذين يجيزون ذكر خبر {لا،} وأما على لغة بني تميم الذين يوجبون حذفه، فالجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة {غالِبَ،} ولا يجوز تعليقهما ب‍ {غالِبَ}: إذ لو كان كذلك لوجب نصب {غالِبَ،} وتنوينه؛ لأنه حينئذ يكون شبيها بالمضاف. {الْيَوْمَ}: ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر ثان على لغة الحجازيين، ومتعلق بمحذوف صفة ثانية ل‍ {غالِبَ} على لغة بني تميم، الذين يوجبون حذف الخبر، ويقدرونه بموجود أو حاصل. {مِنَ النّاسِ}: متعلقان بمحذوف حال من الضمير في متعلق {لَكُمُ} هذا؛ واعتبر أبو البقاء {الْيَوْمَ} ظرفا متعلقا في متعلق {لَكُمُ،} وجملة: {لا غالِبَ..}. إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>