تمنّى كتاب الله آخر ليلة... تمنّي داود الزّبور على رسل
وقال كعب بن مالك-رضي الله عنه-فيه أيضا: [الطويل]
تمنّى كتاب الله أوّل ليلة... وآخره لاقى حمام المقادر
وقال ابن الأنباري-رحمه الله تعالى-: الأماني تنقسم على ثلاثة أقسام: تكون من التمنّي، وتكون من التلاوة، وتكون من الكذب. كشاف بتصرف.
هذا؛ وقيل: الأماني: المقدّرات، يقال: منى له، أي قدّر له، قاله الجوهري، وحكاه ابن بحر، وأنشد قول الشاعر: [البسيط]
لا تأمننّ وإن أمسيت في حرم... حتّى تلاقي ما يمني لك الماني
وقال أبو قلابة الهذلي: [البسيط]
ولا تقولن لشيء سوف أفعله... حتّى تلاقي ما يمني لك الماني
أي: ما يقدر لك القادر. وبه قيل في آخر سورة القيامة في قوله تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى}.
{وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ} أي: يكذبون، ويحدّثون؛ لأنه لا علم لهم بصحة ما يتلون، إنّما هم مقلّدون لأحبارهم فيما يقرءون به.
قال أبو بكر الأنباري-رحمه الله تعالى-: وقد حدّثنا أحمد بن يحيى النّحويّ: أنّ العرب تجعل الظنّ علما، وشكّا، وكذبا، وقال: إذا قامت براهين العلم، فكانت أكثر من براهين الشك؛ فالظنّ يقين، وإذا اعتدلت براهين اليقين، وبراهين الشك؛ فالظنّ شك، وإذا زادت براهين الشك على براهين اليقين؛ فالظن كذب، قال الله عز وجل: {وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ} أراد:
إلا يكذبون، انظر ما ذكرته في الآية رقم [٤٦] فإنه جيد، والحمد لله!.
الإعراب: {وَمِنْهُمْ:} الواو: حرف عطف. ({مِنْهُمْ}): جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدّم. {أُمِّيُّونَ:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. هذا ما يقوله المفسرون، والمعربون في هذه الجملة، وأمثالها، وأرى: أنّ مضمون: ({مِنْهُمْ}) مبتدأ و {أُمِّيُّونَ} خبرا، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٨]. {لا:} نافية. {يَعْلَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، {الْكِتابَ:} مفعول به. {إِلاّ:} أداة استثناء. {أَمانِيَّ:} استثناء منقطع، قدر البيضاوي فعلا ناصبا له، كما قدّر {إِلاّ} ب «لكن» فقال: والمعنى: ولكن يعتقدون أماني، أو يدركون أماني.
والجملة الفعلية: {لا يَعْلَمُونَ:} في محل رفع صفة: {أُمِّيُّونَ،} والجملة الاسمية: {وَمِنْهُمْ}