وكشف النهار من الليل وإيضاحه. {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}: المراد بالمشركين هنا عبدة الأوثان يستثنى منهم الأطفال، والشيوخ، والغرض من ذلك تطهير الجزيرة العربية من عبادة الأوثان، وأما الكفرة من يهود ونصارى فيقرون بالجزية، كما فعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأهل خيبر وغيرهم، و {حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} أي: في محل أو حرم، ولو في جوف الكعبة. {وَخُذُوهُمْ} أي:
خذوهم أسرى. {وَاحْصُرُوهُمْ}: احبسوهم، أو حيلوا بينهم وبين المسجد الحرام. {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}: كل طريق، والمرصد في الأصل: الموضع الذي يرقب فيه العدو، وهو هنا اسم مكان. {فَإِنْ تابُوا}: عن الشرك، ورجعوا إلى الإيمان. {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}: فدعوهم، ولا تتعرضوا لهم بشيء من ذلك، وفيه دليل على أن تارك الصلاة، ومانع الزكاة، لا يخلى سبيله. {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: غفور لمن تاب ورجع عن الشرك إلى الإيمان؛ لأن الإسلام يجب ما قبله. {رَحِيمٌ}: بأهل طاعته وأوليائه. هذا؛ والأشهر جمع: شهر، ويجمع أيضا على شهور، وسمي الشهر شهرا لشهرته برؤية القمر في أوله. {حَيْثُ}: انظر الآية رقم [٢٧] الأعراف. {وَخُذُوهُمْ}: انظر ما ذكرته في الآية رقم [١٤٥](الأعراف). {وَأَقامُوا الصَّلاةَ}:
أدوها في أوقاتها، وحافظوا على طهارتها، وركوعها وسجودها وخشوعها، ومن لم يؤدها على الوجه الأكمل، يقال عنه: صلى ولا يقال: أقام الصلاة، هذا؛ والصلاة في اللغة: الدعاء والتضرع، وهي في الشرع: أقوال وأفعال مخصوصة، مبتدأة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، ولها أركان، وشروط، ومبطلات، ومكروهات مذكورة في الفقه الإسلامي، والصلاة من العبد معناها: التضرع والدعاء، ومن الملائكة على العبد معناها الاستغفار، ومن الله على عباده:
الرحمة وإنزال البركات، وقد جمعت الأنواع الثلاثة في قوله تعالى:{إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} والزكاة في اللغة: التطهير، والإصلاح، والنماء، وفي الاصطلاح: اسم لما يخرج عن مال، أو بدن على وجه مخصوص، وتدفع لأشخاص مخصوصين مذكورين في الآية رقم [٦١] وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٢] الآتية.
{سَبِيلَهُمْ}: انظر [١٤٢] من سورة (الأعراف). {غَفُورٌ رَحِيمٌ}: صيغتا مبالغة.
تنبيه: قال الحسن بن الفضل: نسخت هذه الآية كل آية فيها ذكر الإعراض عن المشركين، والصبر على أذى الأعداء.
الإعراب:{فَإِذَا}: الفاء: حرف استئناف. (إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك مبني على السكون في محل نصب. {اِنْسَلَخَ الْأَشْهُرُ}:
فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على القول المرجوح المشهور.
{الْحُرُمُ}: صفة {الْأَشْهُرُ}. {فَاقْتُلُوا}: الفاء: واقعة في جواب (إذا). اقتلوا: أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، وانظر إعراب:{اُسْجُدُوا} في الآية رقم [١١]