لعمر أبي إنّ البعيد الّذي مضى... وإنّ الّذي يأتي غدا لقريب
وخبّر تماني أنّما الموت بالقرى... فكيف، وهاتا هضبة وقليب؟
إذ التقدير: فكيف مات أخي في هذا الموضع، وهو برية، فقد أعاد سبحانه التعجب من أن يكون لهم عهد مع خبث أعمالهم. {وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً}: معناه وإن يغلبوكم ويتمكنوا من قتلكم لا يراعوا فيكم إلاّ ولا ذمة، هذا؛ والإلّ: القرابة، أو الرحم، وقال قتادة: هو الحلف، وبمعنى القرابة، قال حسان رضي الله عنه:[الوافر]
لعمرك إنّ إلّك من قريش... كإلّ السّقب من رأل النّعام
الإلّ: القرابة، والسقب: حوار الناقة، والرأل: ولد النعام، يريد: أنه لا قرابة بينك وبينهم، كما أنه لا قرابة بين السقب وولد النعام. {ذِمَّةً}: عهدا أو حقا، هذا؛ وقيل: الإلّ:
الإله، ومنه قول أبي بكر رضي الله عنه لما سمع كلام مسيلمة الكذاب: إن هذا الكلام لم يخرج من إلّ، أي: من الله، وعلى هذا القول يكون معنى الآية: لا يرقبون الله فيكم، ولا يحفظونه، ولا يراعونه، وفي القاموس: الإل بالكسر العهد، والحلف، وموضع، والجؤار، والقرابة والمعدن، والحقد، والعداوة، والربوبية، واسم الله تعالى، والرضا، والأمان، والجزع عند المصيبة. انتهى. فظهر لك: أنه يستعمل في الأضداد. {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ} أي: يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وذلك بوعد الإيمان والطاعة، والوفاء بالعهد، وهم يبطنون الكفر والمعاداة بحيث إن ظفروا لم يبقوا عليكم، هذا؛ و (تأبى) من الإباء، وهو الامتناع، أو أشده، وإباء الله: قضاؤه ألا يكون الأمر، أو عدم قضائه أن يكون، كما في الآية رقم [٣٣] الآتية، هذا؛ ويكون متعديا إذا كان بمعنى كره، ولازما إن كان بمعنى امتنع، وهذا الفعل يتضمن النفي والإيجاب؛ لأنه بمعنى لا يقبل إلا... إلخ، {وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ}: مارقون خارجون عن طاعة الله متمردون، لا عقيدة تردعهم، ولا مروءة تزجرهم، وانظر الآية رقم [٤٥](الأعراف). وكل كافر فاسق.
الإعراب:{كَيْفَ}: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب على الحال عامله وصاحبه محذوفان. انظر الشرح. {وَإِنْ}: الواو: واو الحال، (إن): حرف شرط جازم.
{يَظْهَرُوا}: مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {عَلَيْكُمْ}: متعلقان بما قبلهما. {لا}: نافية. {يَرْقُبُوا}: جواب الشرط مجزوم، والواو فاعله، والألف للتفريق، {فِيكُمْ}: متعلقان بما قبلهما. {إِلاًّ}: مفعول به.
{وَلا}: الواو: حرف عطف. (لا): زائدة لتأكيد النفي. {ذِمَّةً}: معطوف على ما قبله، وجملة:{لا يَرْقُبُوا..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا بإذا