للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في طريق الهجرة، وقد كمنا في غار ثور ثلاثة أيام، هذا؛ ويجمع الغار على غيران، مثل تاج وتيجان، وقاع وقيعان، والغار أيضا: نبت طيب الريح، والغار أيضا: الجماعة، والغارة: الهجوم على الأعداء، وهي أيضا: النهب والسلب، والغاران: البطن والفرج، وألف الغار منقلبة عن واو؛ إذ الأصل (غور) وانظر: {مَغاراتٍ} في الآية رقم [٥٧] الآتية.

{إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ}: إذ يقول محمد صلّى الله عليه وسلّم لصاحبه الصديق: «لا تحزن». وكان هذا حين خاف أبو بكر رضي الله عنه حيث رأى أقدام الكفار الباحثين عنهما على فم الغار، وقال: يا رسول الله لو نظر أحدهم مكان قدميه؛ لرآنا، فقال له الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!». {إِنَّ اللهَ مَعَنا} أي: الحفظ والرعاية، {فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} أي: على النبي صلّى الله عليه وسلّم أو على أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي خاف على حبيبه من المشركين، والمراد بالسكينة الرحمة التي سكن إليها، واطمأن قلبه بها، وذهب عنه ما كان يساوره من القلق، وانظر سكينة بني إسرائيل في الآية رقم [٢٤٧] من سورة (البقرة).

{وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها}: يعني الملائكة، أنزلهم الله ليحرسوا نبيه في الغار، أو ليعينوه على أعدائه يوم بدر والأحزاب وحنين، هذا؛ وقد أنبت الله على فم الغار شجرة سدت فمه، وأمر حمامتين فباضتا كذلك، وأمر العنكبوت أن تنسج خيوطها كذلك، فلما رأى المشركون ذلك استبعدوا أن يكون أحد دخل الغار منذ أيام. {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى} أي: جعل كلمة الشرك هي الحقيرة المنحطة، {وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا} أي: كلمة التوحيد والإيمان هي المرتفع قدرها العالي شأنها إلى يوم القيامة. {وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}: انظر الآية رقم [١٠] من سورة (الأنفال).

بعد هذا انظر {كَفَرُوا} في الآية رقم [٦٦] (الأعراف) {يَقُولُ}: انظر القول في الآية رقم [٥] منها {لِصاحِبِهِ}: انظر الآية رقم [٣٦] منها {اللهُ}: انظر الآية رقم [١] الأنفال.

{كَلِمَةَ}: انظر الآية رقم [١٣٧] من سورة (الأعراف).

الإعراب: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ}: انظر مثل هذه الجملة في الآية السابقة، وجواب الشرط محذوف، التقدير: فالله يتكفل به، أو تقديره: فسينصره الله، وإن ومدخولها كلام مستأنف لا محل له.

{فَقَدْ}: الفاء: حرف تعليل، وجملة: {فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ} تعليلية لا محل لها. {إِذْ}: ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل نصره، وجملة: {أَخْرَجَهُ الَّذِينَ} في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول.

{ثانِيَ}: حال من الضمير المنصوب، وقرئ بإسكان الياء إجراء للمنقوص مجرى المقصور بتقدير الحركات الثلاث على الياء، و {ثانِيَ}: مضاف، و {اِثْنَيْنِ}: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء؛ لأنه ملحق بالمثنى. {إِذْ}: بدل من {إِذْ} الأولى، أي: هي متعلقة

<<  <  ج: ص:  >  >>