للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في القعود، ولا تفتني بهن، وأعينك بمالي، ولم يكن به علة إلا النفاق، فأذن له. {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} أي: في الإثم، والمعصية وقعوا، وهي النفاق، والتخلف عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفي {سَقَطُوا} استعارة تبعية. {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ} أي: يوم القيامة تحيط بهم وتجمعهم فيها، وتحيط أيضا بالكافرات على مثال ما رأيت في الآية رقم [٣٤] و [٤٥]، وانظر إعلال {مُحِيطٌ} في الآية رقم [٤٧]، الأنفال، وانظر {كَفَرُوا} في الآية رقم [٦٦] (الأعراف)، فقد اعتبر الله المنافقين كافرين، وانظر الآية رقم [٦٣].

هذا؛ و {اِئْذَنْ} أمر من: أذن، يأذن، والأمر بهمزتين: همزة الوصل التي يتوصل بها إلى النطق بالساكن، والثانية هي فاء الفعل، ولا يجتمع همزتان، فإذا ابتدأت الكلام، قلت: ايذن بإبدال الثانية ياء لكسر ما قبلها، فإذا وصلت الكلام زالت العلة في الجمع بين همزتين، فتحذف همزة الوصل، وتعود الهمزة الأصلية، فتقول: ائذن، ومثل ذلك قل في إعلال: أتى، يأتي، ائت.

الإعراب: {وَمِنْهُمْ}: (منهم): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مَنْ}: اسم موصول أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر، هذا هو الإعراب الظاهر، والأصح: أن مضمون (منهم) مبتدأ، و {مَنْ} هي الخبر؛ لأن (من) الجارة دالة على التبعيض، أي: وبعض الناس، وجمع الضمير يؤيد ذلك، ولا استبعاد في وقوع الظرف بتأويل معناه مبتدأ، يرشدك إلى ذلك قوله تعالى: {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ،} فعطف (أكثرهم) على {مِنْهُمْ} يؤيد أن معناه بعضهم، وخذ قول الحماسي: [الكامل]

منهم ليوث، لا ترام وبعضهم... ممّا قمشت، وضمّ حبل الحاطب

حيث قابل لفظة (منهم) بما هو مبتدأ، أعني لفظة (بعضهم) وهذا مما يدل على أن مضمون (منهم) مبتدأ، هذا؛ وليوث جمع ليث، وهو الأسد، (لا ترام): لا تقصد بشر، (قمشت):

جمعت من هنا وهناك، والمراد: رذالة الناس، والقمش: الرديء من كل شيء.

{يَقُولُ}: مضارع، والفاعل يعود إلى {مَنْ،} {اِئْذَنْ}: أمر، وفاعله: (أنت). {لِي}:

جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، وجملة: {اِئْذَنْ لِي}: في محل نصب مقول القول، وجملة:

{يَقُولُ..}. إلخ: صلة {مَنْ،} أو صفتها، والعائد أو الرابط: رجوع الفاعل إليها. {يَقُولُ}:

الواو: حرف عطف. (لا): ناهية، {تَفْتِنِّي}: مضارع مجزوم ب‍ (لا) الناهية، ونون الفعل الأصلية مدغمة في نون الوقاية، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، وياء المتكلم في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها، والجملة الاسمية: {وَمِنْهُمْ مَنْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {أَلا}: حرف تنبيه واستفتاح يسترعي انتباه المخاطب لما يأتي بعده من كلام. {فِي الْفِتْنَةِ}: متعلقان بما بعدهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>