للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنهم استحقوا الجنات بسبب أعمالهم الصالحة. {مِنْ تَحْتِهَا} أي: من تحت قصورها وأشجارها، وانظر {مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ} في الآية رقم [٩] من سورة (يونس) عليه السّلام، {الْأَنْهارُ}: جمع: نهر، وهو معروف في الدنيا، ولكن ما بين أنهار الجنة، وأنهار الدنيا فرق عظيم، هذا؛ ويجمع النهر على أنهر، ونهر، ونهور، وهاء النهر تفتح وتسكن، {خالِدِينَ فِيها}:

مقيمين في تلك الجنات لا يخرجون منها أبدا. {وَمَساكِنَ طَيِّبَةً}: تستطيبها النفس، أو يطيب فيها العيش، وفي الحديث الشريف عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّها قصور من اللّؤلؤ والزّبرجد، والياقوت الأحمر». {فِي جَنّاتِ عَدْنٍ}: إقامة، وخلود، ويقال: عدن بالمكان: إذا أقام به، ومنه:

المعدن، أي: الموجود في باطن الأرض، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «عدن دار الله الّتي لم ترها عين قطّ ولم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها إلا ثلاثة: النّبيّون والصّدّيقون والشّهداء، يقول الله: طوبى لمن دخلك». رواه الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه. {وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ} أي: إن رضوان الله الذي ينزله عليهم أكبر من كل ما سلف ذكره من نعيم الجنة. {ذلِكَ..}. إلخ: الإشارة إلى ما تقدم ذكره من نعيم الجنة والرضوان.

تنبيه: أما وصف أهل الجنة فبينه سيد الخلق، وحبيب الحق، الناطق بالصدق بقوله: «أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يبولون، ولا يتغوّطون، ولا يمتخطون، ولا يبزقون، يلهمون الحمد والتسبيح، كما يلهمون النفس، طعامهم جشاء، ورشحهم كرشح المسك» رواه مسلم عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إنّ الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنّة: يا أهل الجنّة، فيقولون: لبّيك ربّنا وسعديك، والخير كلّه في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا يا ربّنا؟ وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون: وأيّ شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحلّ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا». متفق عليه، وانظر ما ذكرته عن أبي زيد في الآية رقم [١١٩] وانظر الآية رقم [٢٦] من سورة (يونس) على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

تنبيه: ذكر الله في الآيات المتقدمة المنافقين والمنافقات وصفاتهم، وما أعد لهم من العذاب المقيم في نار الجحيم، ثم ذكر في هاتين الآيتين المؤمنين والمؤمنات، وصفاتهم، وما أعد لهم من النعيم المقيم في دار الخلود، وذلك من باب المقابلة، وانظر الآية رقم [٤١ و ٤٢] من سورة (الأعراف)، تجد ما يسرك. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

الإعراب: {وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ}: انظر إعراب مثل هذه الكلمات، ومحل الجملة في الآية رقم [٦٩]، {تَجْرِي}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل.

{مِنْ تَحْتِهَا}: متعلقان بالفعل قبلهما، و (ها): في محل جر بالإضافة. {الْأَنْهارُ}: فاعل

<<  <  ج: ص:  >  >>