للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه تطوع الصيام، والحج، والصلاة. {فِي الصَّدَقاتِ} أي: التبرع في المال. {لا يَجِدُونَ}:

انظر إعلاله في الآية رقم [١٧] (الأعراف). {إِلاّ جُهْدَهُمْ}: إلا قدرتهم وطاقتهم. وهو بضم الجيم، وهي لغة أهل الحجاز، وبالفتح لغيرهم. وقيل: بالضم الطاقة، وبالفتح المشقة، وانظر الآية رقم [١٠٩] (الأنعام). {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ}: يسخروا: يهزأ المنافقون من المؤمنين المتصدقين.

{سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ}: عاقبهم الله وجازاهم على سخريتهم، وذكر لفظ {سَخِرَ} مشاكلة لما صدر منهم، وانظر الآية رقم [٦٨]، {عَذابٌ أَلِيمٌ}: انظر الآية رقم [٤٠].

تنبيه: روي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم حث على الصدقة في غزوة تبوك، أي: وقت الخروج لها، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم، وقال: يا رسول الله، مالي ثمانية آلاف درهم، جئتك بأربعة آلاف، فاجعلها في سبيل الله، وأمسكت أربعة آلاف لعيالي، فقال له: «بارك الله لك فيما أعطيت، وفيما أمسكت» فبارك الله له في ماله، حتى إنه خلف امرأتين يوم مات، فبلغ ثمن ماله لهما مائة وستين ألف درهم. وتصدق عاصم بن عدي العجلاني يومئذ بمائة وسق من تمر، وجاء أبو عقيل الأنصاري بصاع من تمر، وقال: يا رسول الله بت ليلتي أجر بالجرير الماء، حتى نلت صاعين من تمر، فأمسكت أحدهما لعيالي، وأتيتك بالآخر، فأمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن ينثره في الصدقات، رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، فلمزهم المنافقون، فقالوا: ما أعطى عبد الرحمن وعاصم إلا رياء، وإن الله ورسوله لغنيان عن صاع أبي عقيل، ولكن أحب أن يذكر نفسه ليعطى من الصدقة، فأنزل الله تبارك وتعالى الآية الكريمة، هذا؛ وسخر بمعنى: هزئ، وانظر الآية رقم [٦٥].

الإعراب: {الَّذِينَ}: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، خبره جملة:

{سَخِرَ..}. إلخ أو في محل نصب على الذم بفعل محذوف، أو في محل جر بدل من الضمير المتصل ب‍ {سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ} وقيل: في محل رفع خبر المبتدأ محذوف، التقدير: هم الذين، وهو أضعفها، وأقواها الأول. {يَلْمِزُونَ}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، {الْمُطَّوِّعِينَ}: مفعول به منصوب... إلخ. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر ب‍ {الْمُطَّوِّعِينَ،} وقيل: متعلقان بمحذوف حال منه، والأول أقوى. {فِي الصَّدَقاتِ}: متعلقان بالفعل {يَلْمِزُونَ،} والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب معطوف على {الْمُطَّوِّعِينَ،} وجملة: {لا يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ} صلة الموصول لا محل لها، وجملة: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} معطوفة على جملة:

{يَلْمِزُونَ} لا محل لها مثلها، وجوز أبو البقاء اعتبارها خبرا للمبتدإ (الذين) على وجه مر ذكره، ولا وجه له، وإنما الخبر جملة: {سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ} وهي مستأنفة على الأوجه الأخر فيه، والجملة الاسمية: {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} معطوفة على الجملة الفعلية قبلها على الوجهين المعتبرين فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>