فرارا بدينهم، وتركوا ديارهم وأموالهم. {وَالْأَنْصارِ} أي: الذين نصروا الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وبذلوا أرواحهم وأموالهم في طريقه، وفي سبيل إعزاز دينه ونشر شريعته، {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ} أي: بالعمل الصالح، وبذل المال والروح في سبيل الله، لا فيما صدر عنهم من الهفوات والزلات؛ إذ لم يكونوا معصومين، {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ}: هذا؛ والأنصار اسم إسلامي، لم يعرف من قبل، قيل لأنس بن مالك رضي الله عنه، أرأيت قول الناس لكم: الأنصار، اسم سماكم الله به، أم كنتم تدعون به في الجاهلية؟ قال: بل اسم سمانا الله به في القرآن. {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}: انظر الآية رقم [١١٩] المائدة.
{وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ} ... {الْعَظِيمُ}: انظر الآية رقم [٧٢] و [١١١].
تنبيه: لقد اختلف في السابقين الأولين، فقيل: هم من صلى إلى القبلتين، وقيل: هم الذين شهدوا بيعة الرضوان، وقيل: هم أهل بدر، وقيل: هم أهل غزوة أحد، واتفقوا على أن من هاجر قبل تحويل القبلة، فهو من الأولين من غير خلاف بينهم.
أما الأفضلية فأفضلهم الخلفاء الأربعة، ثم الستة الباقون إلى تمام العشرة، وهم: الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله التيمي، وسعيد بن عمرو بن زيد بن نفيل، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، ثم البدريون، ثم أصحاب أحد، ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية، رضوان الله عليهم أجمعين.
وقد اختلف في أولهم إسلاما، والمتفق عليهم، والمرضي عند الجميع أن أول من أسلم من الرجال: أبو بكر الصديق، ومن النساء: خديجة الكبرى، ومن الصبيان: علي، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن العبيد: بلال الحبشي رضوان الله عليهم أجمعين، هذا؛ والصحابي هو من اجتمع بالنبي صلّى الله عليه وسلّم مسلما، ومن آمن به، ولم يجتمع به في حياته، فهو تابعي كالنجاشي ملك الحبشة رضي الله عنه، وأما التابعي فهو من اجتمع بالصحابة، ولو واحدا منهم، وأما من اجتمع بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في حياته، وهو غير مؤمن، ثم آمن بعد وفاته، فهو تابعي، لا صحابي ككعب الأحبار، وأمثاله.
الإعراب:{وَالسّابِقُونَ}: قال أبو البقاء: يجوز أن يكون معطوفا على قوله {مَنْ يُؤْمِنُ} تقديره: ومنهم السابقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، وفي الخبر ثلاثة أوجه: أحدهما {الْأَوَّلُونَ،} والمعنى والسابقون إلى الهجرة وغيرها الأولون من أهل الملة، أو السابقون إلى الجنة الأولون إلى الهجرة، والثاني: الخبر {مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ} والمعنى فيه الإعلام بأن السابقين من هذه الأمة هم من المهاجرين والأنصار، والثالث: أن الخبر {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ} والأنصار: بالجر عطفا على {الْمُهاجِرِينَ} ويقرأ بالرفع عطفا على السابقون. أو هو مبتدأ، والخبر جملة:{رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ}: وذلك على الوجهين الأولين في خبر السابقون. {وَالَّذِينَ}: اسم موصول مبني على