للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: الإبهام، وهو ما في الآية الكريمة.

والثالث: التخيير، نحو قوله تعالى: {إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} والآية رقم [١١٥] من سورة (الأعراف).

والرابع: الإباحة، نحو: (تعلم إما فقها، وإما نحوا).

والخامس: التفصيل، نحو قوله تعالى: {إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً،} انتهى. مغني اللبيب باختصار.

أقول: والتفصيل هو المعنى الذي لا يفارقها مع كل من المعاني المذكورة.

الإعراب: {وَآخَرُونَ}: (آخرون): معطوف على مثله في الآية رقم [١٠٢]. والتقدير: ومنهم آخرون، أو هو مبتدأ خبره ما يأتي. {مُرْجَوْنَ}: صفته، وعلامة الرفع فيهما الواو نيابة عن الضمة؛ لأنهما جمعا مذكر سالمان، {لِأَمْرِ}: متعلقان ب‍ {مُرْجَوْنَ،} و (أمر) مضاف، و {اللهِ}:

مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {إِمّا}: أداة شرط وتفصيل، وهي هنا مفيدة للإبهام.

{يُعَذِّبُهُمْ}: مضارع، والفاعل يعود إلى (الله)، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (آخرون) على اعتباره مبتدأ، أو خبر ثان على اعتبار {مُرْجَوْنَ} خبرا أول، أو هي في محل نصب حال. على اعتبار (آخرون) معطوفا على سابقه. {وَإِمّا}: الواو: حرف عطف. (إما):

حرف عطف، أو هي معطوفة على ما قبلها على نحو ما رأيت، وجملة: {يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها. فعلى الأول: التقدير: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ،} إما العذاب، وإما التوبة، وعلى الثاني: وممن حولكم {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ} إما معذبين، وإما متوبا عليهم، والجملة الاسمية: {وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} مستأنفة، فيها وعد للمحسنين، ووعيد للمسيئين.

تنبيه: الإعراب المتقدم هو الظاهر، وهو منقول عن السمين، وأرى أن الفعل: {يُعَذِّبُهُمْ} مبتدأ خبره محذوف، ومثله ما بعده، التقدير: إما العذاب واقع بهم، وإما التوبة حاصلة لهم، والجملة الاسمية الأولى، يقال فيها ما تقدم ذكره، والثانية معطوفة عليها، والذي حملني على هذا؛ وقوع الاسم بعد {إِمّا} غالبا، إما صراحة كقول تأبط شرا: [الطويل]

هما خطّتا إمّا إسار ومنّة... وإمّا دم والقتل بالحرّ أجدر

أو تأويلا، كما في قوله تعالى: {قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} وكما في الآية رقم [١١٥] من سورة (الأعراف)، وغيرهما كثير، وبقي أن تعلم: أن المضارع {يُعَذِّبُهُمْ} حل محل المصدر لأنه على تقدير أن قبله، على حد قوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً..}. إلخ والمثل العربي: (تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه)، خذ هذا وافهمه فإنه جيد، والله الموفق، والمعين، وبه أستعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>