التامة، فهي يائية العين المفتوحة في الماضي ك «باع»، ومصدره الكيد كالبيع، ولذا جاء المضارع في القرآن مختلفا، فمن الأول قوله تعالى: {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ..}. ومن الثاني قوله تعالى:
{فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً،} ومعنى الأول المقاربة، ومعنى الثاني المكر، والأول ناقص التصرف، ويحتاج إلى مرفوع ومنصوب، والثاني تام التصرف، ويكتفي بالفاعل، وينصب المفعول به.
فائدة: قد تأتي (كاد) بمعنى أراد، قاله محب الدين الخطيب شارح شواهد الكاشف، وجعل منه قول الأفواه الأودي: [البسيط]
والبيت لا يبتنى إلا بأعمدة... ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فإن تجمّع أسباب وأعمدة... وساكن بلغوا الأمر الّذي كادوا
أي: الذي أرادوا، ومنه قول الآخر: [الكامل]
كدنا وكدت وتلك خير إرادة... لو عاد من زمن الصّبابة ما مضى
أي: أردنا وأردت، دليله (تلك خير إرادة).
تنبيه: شاع على الألسن أن نفي «كاد» إثبات، وإثباتها نفي، ولذا ألغز المعري بقوله: [الطويل]
أنحويّ هذا العصر، ما هي لفظة... جرت في لساني جرهم وثمود
إذا استعملت في صورة الجحد أثبتت... وإن أثبتت قامت مقام جحود
فأجابه الشيخ جمال الدين بن مالك، صاحب الألفية بقوله: [الطويل]
نعم هي كاد المرء أن يرد الحمى... فتأتي لإثبات بنفي ورود
وفي عكسها ما كاد أن يرد الحمى... فخذ نظمها فالعلم غير بعيد
وقد اتفقت كلمة النحاة على أن (كاد) كسائر الأفعال، وكلامهم متقارب المعنى في هذا الشأن، ومتشابه، انظر الشاهد [١١٢٧]، من كتابنا: «فتح القريب المجيب» والأشموني وغيرهما، وها أنا ذا أسوق لك ما ذكره السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه: (همع الهوامع) لتكون على بصيرة من أمرك.
قال رحمه الله تعالى. والتحقيق: أنها كسائر الأفعال، نفيها نفي، وإثباتها إثبات، إلا أن معناها المقاربة، لا وقوع الفعل، فنفيها نفي لمقاربة الفعل، ويلزم منه نفي الفعل ضرورة أن من لم يقارب الفعل، لم يقع منه الفعل، وإثباتها إثبات لمقاربة الفعل، ولا يلزم من مقاربته وقوعه، فقولك: «كاد زيد يقوم» معناه: قارب القيام، ولم يقم، ومنه قال تعالى: {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ} أي: يقارب الإضاءة، إلا أنه لا يضيء. وقولك: «لم يكد زيد يقوم» معناه لم يقارب القيام، فضلا عن أن يصدر منه، ومنه قوله تعالى: {إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها} أي: لم يقارب أن يراها، فضلا عن أن يرى، وقوله تعالى: {وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ} أي: لا يقارب