وعبد الرحمن بن عوف، وغيرهما في غزوة تبوك. {وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً} أي: في مسيرهم مقبلين، أو مدبرين فيه، {إِلاّ كُتِبَ لَهُمْ} أي: كتب الله لهم آثارهم وخطاهم، وثواب نفقاتهم. {لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} أي: ليثيبهم، ويكافئهم مكافأة أعظم بكثير مما كانوا يفعلونه في هذه الدنيا، وهذه المكافأة تكون في الآخرة، وانظر جزى في الآية رقم [٢٧].
هذا؛ والوادي: هو المنفرج بين جبلين يجري فيه السبيل، ويجمع على: أودية وأوديات، وأوادية وأوداء وأوداة قال جرير: [الوافر]
عرفت ببرقة الأوداه رسما... محيلا طال عهدك من رسوم
ولم أعثر على وديان مع أنه كثير مستعمل، هذا؛ وقد قال أبو البقاء في جمع (واد) على (أودية): وجمع فاعل على أفعلة، شاذ، ولم نسمعه في غير هذا الحرف، ووجهه أن فاعلا قد جاء بمعنى: فعيل، وكما جاء فعيل وأفعلة: كجريب وأجربة كذلك فاعل. انتهى.
تنبيه: الآية الكريمة وسابقتها تحثان على الجهاد وتبينان أنه أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله، والنبي صلّى الله عليه وسلّم قد بين ذلك في أحاديثه الشريفة أحسن بيان، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والرّوحة يروحها العبد في سبيل الله، أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها». وفي رواية: «وما فيها». متفق عليه.
وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تضمّن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرج إلا جهادا في سبيلي، وإيمانا بي، وتصديقا برسلي، فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة، والّذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله، إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم، لونه لون الدم، وريحه ريح المسك، والذي نفس محمد بيده، لولا أن أشقّ على المسلمين ما قعدت خلاف سريّة تغزو في سبيل الله أبدا، ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة، ويشقّ عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثمّ أغزو فأقتل».
متفق عليه، واللفظ هنا لمسلم، وللبخاري بمعناه، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٩٦] -النساء، وانظر رباط الخيل في الآية رقم [٦٠] من سورة (الأنفال).
الإعراب: {وَلا}: الواو: حرف عطف. (لا): نافية، أو زائدة لتأكيد النفي. {يُنْفِقُونَ}:
مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو: فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها في الآية السابقة، فهي في محل رفع مثلهن. {نَفَقَةً}: مفعول به.
{صَغِيرَةً}: صفة: {نَفَقَةً}. {وَلا}: مثل سابقتها. {كَبِيرَةً}: معطوف على {صَغِيرَةً}.
وجملة: {وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً}: معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع أيضا {إِلاّ كُتِبَ}