للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا خلف فيه. فاستعدوا للقائه، وقرئ شاذا برفع المصدرين. {إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ} أي: من النطفة المذرة. {ثُمَّ يُعِيدُهُ}: يوم القيامة بعد موته، وإهلاكه، وتناثر جميع أجزائه، وقرئ شاذا بفتح همزة «أنه»، وإعلال {يُعِيدُهُ} مثل إعلال (يصيب) في الآية رقم [٥١]، من سورة (التوبة). {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ بِالْقِسْطِ} أي: بعدله سبحانه وتعالى، أو بعدالتهم، وقيامهم على العدل في أمورهم، أو بإيمانهم؛ لأنه العدل القويم، كما أن الشرك ظلم عظيم، وهو الأوجه لمقابلته بما بعده. انتهى. بيضاوي بتصرف. {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ} أي: ماء حار قد انتهى حره. {وَعَذابٌ أَلِيمٌ} أي: موجع يخلص وجعه إلى قلوبهم، وانظر الآية رقم [٣٩] من سورة (التوبة)، {بِما كانُوا يَكْفُرُونَ} أي: بسبب كفرهم.

قال البيضاوي: فإن معناه: ليجزي الذين كفروا بشراب من حميم، وعذاب أليم بسبب كفرهم، لكنه غير النظم للمبالغة في استحقاقهم للعقاب، والتنبيه على أن المقصود بالذات من الإبداء والإعادة هو الإثابة، والعقاب واقع بالعرض، وأنه تعالى يتولى إثابة المؤمنين بما يليق بلطفه وكرمه؛ ولذلك لم يعينه، وأما عقاب الكفرة فكأنه داء ساقه إليهم سوء اعتقادهم، وشؤم أفعالهم. انتهى.

وقال القرطبي: وكان معظم قريش يعترفون بأن الله خالقهم، فاحتج عليهم بهذا، فقال: من قدر على الابتداء، قدر على الإعادة بعد الإفناء، أو بعد تفريق الأجزاء. انتهى.

الإعراب: {إِلَيْهِ}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مَرْجِعُكُمْ}: مبتدأ مؤخر، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر الميمي لفاعله. {جَمِيعاً}: حال من الكاف والميم، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {وَعْدَ}: مفعول مطلق لفعل محذوف، مؤكد لنفسه؛ لأن قوله {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} وعد من الله، والجملة الفعلية الناجمة في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا بقوله {إِلَيْهِ} وتكون (قد) قبلها مقدرة، أو هي مستأنفة لا محل لها، و {وَعْدَ}: مضاف، و {اللهِ}: مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {حَقًّا}: مفعول مطلق لفعل محذوف أيضا، مؤكد لغيره، وهو ما دل عليه وعد الله، والجملة الفعلية الناتجة مثل سابقتها. {إِنَّهُ}: حرف مشبه بالفعل، والهاء: اسمها، وجملة: {يَبْدَؤُا الْخَلْقَ}: في محل رفع خبرها، والجملة الاسمية تعليل أو مستأنفة لا محل لها، هذا؛ وعلى فتح همزة (أنه) تؤول مع اسمها وخبرها بمصدر في محل جر بلام تعليل محذوفة، التقدير لكونه يبدأ الخلق، والجار والمجرور متعلقان بالمصدر {وَعْدَ} هذا؛ وعلى قراءة المصدرين بالرفع فهما مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية يقال فيها ما قلته باعتبار الفعلية في الجملتين الناتجتين. {ثُمَّ}: حرف عطف.

وجملة: {يُعِيدُهُ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها. {لِيَجْزِيَ}: مضارع منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى (الله)، و «أن» المضمرة والمضارع في تأويل

<<  <  ج: ص:  >  >>