للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعدو هذه الحالات. {فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ}: أزلنا، ورفعنا عنه الشدة والبلاء. {مَرَّ}:

استمر على كفره وعصيانه. {كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ} أي: كأنه لم يطلب منا رفع ضر أصابه، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء، والضيق والفقر. {كَذلِكَ زُيِّنَ} أي: كما زين لهذا الدعاء عند البلاء، والإعراض عند الرخاء؛ {زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ} أي: للمشركين أعمالهم من الكفر والمعاصي، وهذا التزيين يجوز أن يكون من الله، ويجوز أن يكون من الشيطان.

هذا؛ والمسرف: هو المجاوز الحد في كل شيء، وإنما سمي الكافر مسرفا؛ لأنه أسرف نفسه وضيعها في عبادة الأصنام، وأتلف ماله وضيعه في البحائر والسوائب، وما كانوا ينفقونه على الأصنام وخدامها. انتهى. خازن، هذا؛ ولا تنس أن في المسلمين مسرفين ومجرمين... إلخ.

قال القرطبي: وهذه صفة كثير من المسلمين، إذا أصابته العافية مر على ما كان عليه من المعاصي، أقول: وقوله تعالى في سورة (لقمان): {وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمّا نَجّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاّ كُلُّ خَتّارٍ كَفُورٍ} يؤيد ما في هذه السورة.

هذا؛ والإنسان يطلق على الذكر والأنثى من بني آدم، ومثلها كلمة «شخص» قال تعالى:

{وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ،} ومعلوم أن الله تعالى لم يقصد الذكور خاصة، والقرينة الآيات الكثيرة الدالة على أن المراد الذكر، والأنثى، واللام في الإنسان إنما هي لام الجنس التي تفيد الاستغراق، ولذا صح الاستثناء من الإنسان في سورة العصر، هذا؛ وإنسان العين هو المثال الذي يرى فيها، وهو النقطة السوداء التي تبدو لامعة وسط السواد هذا؛ وجمع الإنسان:

الناس انظر الآية رقم [٣٨] من سورة (يوسف) عليه السّلام، هذا؛ وقائم، أصله قاوم؛ لأنه من قام يقوم، فقل في إعلاله: قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية منهما همزة، وقل مثله في إعلاله (بائع) من باع يبيع، فالأول واوي، وهذا يائي.

الإعراب: {وَإِذا}: (إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ}: ماض ومفعوله وفاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على القول المشهور المرجوح.

{دَعانا}: ماض مبني على فتح مقدر على الألف، والفاعل يعود إلى {الْإِنْسانَ،} و (نا): مفعول به، والجملة الفعلية جواب (إذا) لا محل لها. {لِجَنْبِهِ}: متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، واللام بمعنى: على، التقدير: مضجعا على جنبه. {قاعِداً أَوْ قائِماً}: معطوفان على الحال المحذوفة، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {فَلَمّا}: (لمّا): حرف وجود لوجود عند سيبويه، وبعضهم يقول: حرف وجوب لوجوب، وهي ظرف بمعنى حين عند ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>