للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يؤنث {حَصِيداً؛} لأنه فعيل بمعنى مفعول، يستوي فيه المذكر والمؤنث، والمفرد وغيره.

{كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} أي: لم تكن عامرة، من غنى بالمكان: إذا قام فيه، وعمره، والمغاني في اللغة المنازل التي يسكنها الناس، وقال قتادة: كأن لم تنعم. وقرئ الفعل {تَغْنَ} بالتاء والياء، هذا؛ و {بِالْأَمْسِ} يدل على زمن مضى قبل زمن التكلم لا على التعيين، فإن كان بدون (ال) فيكون مرادا به اليوم الذي قبل يومك الذي أنت فيه، وفي هذا الاسم يلغز، فيقال: (ما الاسم الذي إذا عرّف نكّر، وإذا نكّر عرّف؟). {نُفَصِّلُ الْآياتِ} أي: الدلالات على قدرة الله تعالى، قد بيناها وفصلناها فصلا فصلا. {يَتَفَكَّرُونَ} أي: في تلك الآيات، فينتفعون بذلك التفكير.

تنبيه: في الآية الكريمة تشبيه التمثيل، الذي هو منتزع من متعدد، فقد شبه الله الدنيا وبهجتها، وإقبالها على العبد، وركونه إليها في النبات الذي ينزل عليه المطر، وهذا النبات يقوى ويشتد، ويزهو يوما بعد يوم؛ ولكنه لا يلبث أن يصفر، ثم ييبس، ثم يكون هشيما وحطاما، كما ذكر سبحانه في الآية رقم [٤٥] من سورة (الكهف)، والآية رقم [٢٠] من سورة الحديد، وكذلك الدنيا مآلها إلى الهلاك والدمار، والفناء، هذا؛ وكذلك حياة الإنسان شبيهة بالنبات والزرع الذي ينزل عليه المطر، ومع الاختصار في الكلام خذ هاتين البيتين، ففيهما عبرة لأولي الألباب: [البسيط]

ما أنت إلاّ كزرع عند خضرته... لكلّ شيء من الآفات مقصود

فإن سلمت من الآفات أجمعها... فأنت من بعد ذا لا بدّ محصود

الإعراب: {إِنَّما}: كافة ومكفوفة. {مَثَلُ}: مبتدأ، وهو مضاف، و {الْحَياةِ}: مضاف إليه. {الدُّنْيا}: صفة: {الْحَياةِ} مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر. {كَماءٍ}:

متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، هذا؛ والكوفي يعتبر الكاف اسما مبنيا على الفتح في محل رفع خبر المبتدأ، وهي مضاف، و (ماء) مضاف إليه. {أَنْزَلْناهُ}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة الفعلية في محل جر صفة ماء. {مِنَ السَّماءِ}: متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب، وجملة: {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر صفة مثلها. {مِمّا}:

متعلقان بمحذوف حال من {نَباتُ الْأَرْضِ،} و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر ب‍ (من)، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: من الذي، أو من شيء يأكله الناس والأنعام. {حَتّى}: حرف ابتداء.

{إِذا}: انظر الآية رقم [١٢]، {أَخَذَتِ}: ماض، والتاء للتأنيث. {الْأَرْضِ}: فاعل. {زُخْرُفَها}:

مفعول به، و (ها): في محل جر بالإضافة، وجملة: {أَخَذَتِ..}. إلخ: في محل جر بإضافة {إِذا} إليها على القول المشهور المرجوح. {وَازَّيَّنَتْ}: (ازينت): ماض، والفاعل يعود إلى {الْأَرْضِ} والتاء للتأنيث، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>