للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ}. {وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ}: لأنهم بهتوا بما عاينوا مما لم يحسبوه من فظاعة الأمر وهوله، فلم يقدروا أن ينطقوا، وقيل: أسروا الندامة: أخلصوها؛ لأن إخفاءها إخلاصها، أو لأنه يقال: سر الشيء لخالصته من حيث إنها تخفى، ويضمن بها، وقيل: (أسروا) أظهروا، فالكلمة من الأضداد، ويدل عليه: أن الآخرة ليست دار تجلد وتصبر، وقيل: وجدوا ألم الحسرة في قلوبهم؛ لأن الندامة لا يمكن إظهارها، وذكر المبرد فيه وجها ثالثا: أنه بدت بالندامة أسرة وجوههم، وهي تكاسير الجبهة، واحدها:

سرار، والندامة: الحسرة لوقوع شيء، أو فوت شيء، وأصلها: اللزوم، ومنه النديم؛ لأنه يلازم المجالس. انتهى قرطبي. وأسروا وما بعده حكاية ما يكون في الآخرة، وانظر التعبير بالماضي عن المستقبل في الآية رقم [١١٦] (المائدة)، {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}: انظر الآية رقم [٤٧] لشرح هذه الكلمات.

قال البيضاوي: ليس تكريرا، أي: إن هذا الكلام ليس تكرارا لما في الآية رقم [٤٧]؛ لأن الأول: قضاء بين الأنبياء ومكذبيهم، والثاني: مجازاة المشركين على الشرك، أو الحكومة بين الظالمين والمظلومين، والضمير إنما يتناولهم لدلالة الظلم عليهم. انتهى.

الإعراب: {وَلَوْ}: الواو حرف استئناف. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {أَنَّ}:

حرف مشبه بالفعل. {لِكُلِّ}: متعلقان بمحذوف خبر {أَنَّ} مقدم، و (كل): مضاف، و {نَفْسٍ}:

مضاف إليه. {ظَلَمَتْ}: ماض، والتاء: للتأنيث، والفاعل يعود إلى {نَفْسٍ،} والجملة الفعلية في محل جر صفة: {نَفْسٍ،} {ما}: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم {أَنَّ} مؤخر. {فِي الْأَرْضِ}: متعلقان بمحذوف صلة الموصول، و {أَنَّ} واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف، هو شرط (لو) عند المبرد، التقدير: ولو ثبت ظلم كل نفس، ونحوه، وقال سيبويه: هو في محل رفع بالابتداء، والخبر محذوف، التقدير:

ولو ظلم كل نفس ثابت، أو واقع، وقول المبرد هو المرجح؛ لأن (لو) لا يليها إلا فعل ظاهر، أو مقدر، والفعل المقدر على قول المبرد وفاعله المؤول جملة فعلية لا محل لها من الإعراب؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {لافْتَدَتْ}: اللام: واقعة في جواب (لو).

(افتدت): ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع تاء التأنيث التي هي حرف لا محل له، والفاعل يعود إلى {نَفْسٍ،} تقديره: «هي»، والجملة الفعلية جواب (لو) لا محل لها، {بِهِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، و (لو) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له.

(أسروا): ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {النَّدامَةَ}: مفعول به، وجملة: {وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ}: مستأنفة لا محل لها. {لَمّا}: ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، وهو بمعنى: «حين» مبني على السكون في محل نصب. {رَأَوُا}: ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة التي هي فاعله، وحركت بالضمة لالتقاء

<<  <  ج: ص:  >  >>