للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجيم وتخفيفها، كما قرئ بالحاء: {نُنَجِّيكَ} أي: نلقيك بناحية الساحل. {بِبَدَنِكَ}: بجسدك الذي لا روح فيه، وقيل: معناه بدرعك، وكانت درعه من لؤلؤ منظوم، وقيل: كانت من الذهب، وكان يعرف بها، والبدن: الدرع القصيرة، قاله أبو عبيدة، وأنشد للأعشى: [المتقارب]

وبيضاء كالنّهي موضونة... لها قونس فوق جيب البدن

البيضاء: الدرع، والنهي بالفتح والكسر: الغدير، وكل موضع يجتمع فيه الماء، والموضونة المنسوجة، والقونس: أعلى بيضة في الحديد، والبدن: الدرع القوية وجيبها تحتها، وقال كعب بن مالك رضي الله عنه: [الوافر]

ترى الأبدان فيها مسبغات... على الأبطال، واليلب الحصينا

أراد بالأبدان: الدروع، واليلب: الترس، وقيل: جلود يخرز بعضها إلى بعض تلبس على الرءوس خاصة، وهو اسم جنس، الواحد: يلبة، ورد هذا التفسير الأخفش. {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} أي: لمن بعدك علامة على قدرة الله القاهر الذي أذلك وأخزاك، وعبرة وعظة لبني إسرائيل؛ لأنهم خيل إليهم: أنه لا يهلك لعظمته عندهم وما حصل في قلوبهم من الرعب هيبة منه حتى كذبوا موسى عليه السّلام حين أخبرهم بغرقه إلى أن عاينوه مطروحا على طريقهم في الساحل، فعرفوه، فمن ذلك الوقت لا يقبل الماء ميتا أبدا، وقيل: المعنى لمن يأتي بعدك من الجبابرة إذا سمعوا مآل أمرك ممن شاهدوك عبرة ونكالا، فيعرفون: أن الإنسان مهما بلغ من عظم الشأن، وكبرياء الملك مملوك مقهور بعيد عن مظان الألوهية. {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ}: لا يتفكرون فيها، ولا يعتبرون بها، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من اتعظ غيره به. هذا؛ والقائل هو الله تعالى، وهو يؤيده ما قيل في الآية السابقة. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

الإعراب: {فَالْيَوْمَ}: الفاء: حرف استئناف. (اليوم): ظرف زمان متعلق بالفعل بعده.

{نُنَجِّيكَ}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره:

«نحن»، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {بِبَدَنِكَ}: متعلقان بمحذوف حال من كاف الخطاب، التقدير: عاريا عن الروح ببدنك فقط، ونحو ذلك، والكاف في محل جر بالإضافة. {لِتَكُونَ}: مضارع ناقص منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد لام التعليل، واسمه مستتر تقديره: «أنت». {لِمَنْ}: متعلقان بالفعل الناقص، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {آيَةً،} كان صفة له، فما قدم عليه صار حالا... إلخ. {خَلْفَكَ}: ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، والكاف في محل جر بالإضافة. {آيَةً}: خبر تكون، و «أن» المضمرة والفعل تكون في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {وَإِنَّ}: الواو: واو الحال. (إن): حرف مشبه بالفعل. {كَثِيراً}: اسم (إنّ). {مِنَ النّاسِ}: متعلقان ب‍ {كَثِيراً}. {عَنْ آياتِنا}: متعلقان بما بعدهما. و (نا): في محل جر بالإضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>