للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منعت من الفساد، والنسخ لم ينسخها كتاب، كما نسخت هي الكتب، والشرائع القديمة، أو أحكمت بالحجج، والدلائل. {ثُمَّ فُصِّلَتْ}: بالفرائد من العقائد، والأحكام، والمواعظ والإخبار عن المغيبات، والقصص. {مِنْ لَدُنْ}: من عند. {حَكِيمٍ} أي: محكم للأمور.

{خَبِيرٍ}: بكل كائن، وغير كائن.

تنبيه: فقد عم سبحانه الآيات هنا بالإحكام، وخص بعضها في قوله {مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ} الآية رقم [٧] من سورة (آل عمران)، والمراد هنا: الإحكام العام بحيث لا يتطرق إلى آياته التناقض والفساد، والمراد بالخاص: أن بعض آياته منسوخة بآيات منه أيضا لم ينسخها غيره، وذكر سبحانه في الآية رقم [٧] -من سورة (آل عمران) -أن منه آيات متشابهات، والمراد بها الحروف المقطعة في أوائل السور، ومنه قوله تعالى: {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥)} و {يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ،} وغير ذلك، وانظر ما ذكرته في الآية المذكورة، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ و (كتاب) في اللغة: الضم، والجمع، وسميت الجماعة من الجيش كتيبة لاجتماعهم، كما سمي الكاتب كاتبا؛ لأنه يضم الكلام بعضه إلى بعض ويجمعه ويرتبه، وفي الاصطلاح:

اسم لجملة مختصة من العلم، مشتملة على أبواب وفصول، ومسائل غالبا، والآيات جمع: آية، وهي تطلق على معان كثيرة الدلالة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ،} وتطلق على المعجزة، مثل انشقاق القمر ونحوه، وتطلق على الموعظة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} كما تطلق على جملتين، أو أكثر من كلام الله تعالى.

{ثُمَّ} حرف عطف يقتضي ثلاثة أمور: التشريك في الحكم، والترتيب، والمهلة، وفي كل منها خلاف مذكور في «مغني اللبيب» وقد تلحقها تاء التأنيث الساكنة، كما تلحق (رب) و (لا) العاملة عمل ليس، فيقال: ثمّت، وربّت، ولات، والأكثر تحريك التاء معهن بالفتح، هذا؛ و (ثمّ) هذه غير (ثمّ) بفتح الثاء، فإنها اسم يشار به إلى المكان البعيد، نحو قوله تعالى: {وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ} وهي ظرف لا يتصرف، ولا يتقدمه حرف التنبيه، ولا يتصل به كاف الخطاب، وقد تتصل به التاء المربوطة، فيقال: ثمّة.

من لدن: بمعنى من عند، وفيها إحدى عشرة لغة. أفصحها إثبات النون ساكنة، وهي لغة القرآن الكريم، وهي بجميع لغاتها معناها: أول غاية زمان أو مكان، وقلما يفارقها (من) الجارة لها، فإذا أضيفت إلى الجملة تمحضت للزمان؛ لأن ظروف المكان لا يضاف منها إلى الجملة إلا (حيث)، ويجوز تصدير الجملة بحرف مصدري لما لم يتمحض (لدن) في الأصل للزمان، وإذا أضيفت للضمير وجب إثبات النون؛ لأنه لا يقال: لده ولا لدك.

الإعراب: {الر}: انظر إعراب هذا اللفظ في الآية رقم [١] -من سورة (يونس) - {كِتابٌ}:

خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هذا كتاب، أو هو خبر المبتدأ: {الر} على بعض الوجوه

<<  <  ج: ص:  >  >>