للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه». متفق عليه، والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة مسطورة.

-وقيل: الآية عامة في كل من ينوي بعمله غير الله تعالى، سواء أكان معه أصل إيمان، أم لم يكن، قاله مجاهد وميمون بن مهران، وقال ميمون: ليس أحد يعمل حسنة إلا وفّي ثوابها، فإن كان مسلما مخلصا وفّي في الدنيا والآخرة، وإن كان كافرا وفّي في الدّنيا، ثم هل لا بد من تنفيذ هذا الوعد، أو هو مقيد بمشيئة الله تعالى؟ فالآية هنا أطلقت، كما في الآية رقم [٢٠] من سورة (الشورى)، وآية الإسراء رقم [١٨] قيدته بالمشيئة.

قال القرطبي-رحمه الله-: والصحيح أنه من باب الإطلاق والتقييد، ومثله قوله تعالى:

{وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ} فهذا ظاهره خبر عن إجابة كل داع دائما على كل حال، وليس كذلك، لقوله تعالى: {فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ}. انتهى.

والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

{نُوَفِّ}: يقرأ بالنون وبالياء مع الجزم، وبالتاء بالبناء للمجهول، ورفع {أَعْمالَهُمْ،} ويقرأ (نوفّي) بالتخفيف والرفع؛ لأن الشرط ماض، قال زهير بن أبي سلمى، وهو الشاهد (٧٨٧) من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [البسيط]

وإن أتاه خليل يوم مسغبة... يقول لا غائب مالي، ولا حرم

{وَهُمْ فِيها}: في الدنيا. {لا يُبْخَسُونَ}: لا ينقصون من أجورهم شيئا، هذا؛ وقد راعى لفظ {مَنْ} في الأول، ومعناها في الآخر.

الإعراب: {مَنْ}: اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {كانَ}: ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى {مَنْ}. {يُرِيدُ}: مضارع، والفاعل يعود إلى {مَنْ}. {الْحَياةَ}: مفعول به. {الدُّنْيا}: صفة:

{الْحَياةَ} منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، وقيل: {الْحَياةَ}: مضاف، و {الدُّنْيا}: مضاف إليه مجرور... إلخ والأول أقوى. (زينتها): معطوف على {الْحَياةَ،} و (ها) في محل جر بالإضافة، وجملة: {يُرِيدُ..}. إلخ في محل نصب خبر {كانَ}. {نُوَفِّ}:

مضارع جواب الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، وعلى قراءة «(توفّ)» فهو مبني للمجهول، وعلامة الجزم حذف الألف... إلخ، و {أَعْمالَهُمْ} بالرفع نائب فاعله، وعلى قراءة: «(يوفّ)» فالفاعل يعود إلى الله، وعلى قراءة: «(نوفي)» فهو مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء، و {أَعْمالَهُمْ} بالنصب مفعول به. {إِلَيْهِمْ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {فِيها}: متعلقان بالفعل قبلهما، وخبر المبتدأ الذي هو {مَنْ} مختلف فيه، فقيل: هو جملة الشرط، وقيل: جملة

<<  <  ج: ص:  >  >>