{شاهِدٌ مِنْهُ}: ويتبع ذلك البرهان من يشهد له بصدقه، وعاد الضمير على {بَيِّنَةٍ} مذكرا؛ لأنها بمعنى البرهان، ولقد اختلف في الشاهد، فقيل: إنه جبريل عليه السّلام، أي: يتبع جبريل النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويؤيده، ويسدده، ويقويه، وقيل: إنه علي كرم الله وجهه، وقيل: إنه لسان الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقيل: هو الإنجيل، وإن كان قبل القرآن، فهو يتلوه في التصديق. وقيل: غير ذلك، كما اختلف في الضمير في {مِنْهُ} فقيل: من الله، وقيل: من الرسول، وقيل: أي: من القرآن، ومن قبله: ومن قبل القرآن، وقيل: من قبل الإنجيل. {كِتابُ مُوسى}: المراد به:
التوراة، أي: أنها تشهد بصدق محمد صلّى الله عليه وسلّم، لما فيها من ذكر صفاته الجسدية، وشمائله الخلقية.
{إِماماً}: يرجعون إلى التوراة في أمور الدين، والأحكام، والشرائع. {وَرَحْمَةً}: لمن عمل بمقتضاها، واهتدى بما فيها، وذلك سبب حصول الرحمة.
{أُولئِكَ}: الإشارة إلى (من كان على بينة من ربّه). {يُؤْمِنُونَ بِهِ}: يصدقون بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، ويعترفون بنبوته، أو يصدقون بالقرآن، وقيل: الإشارة إلى الذين أسلموا من أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام، وأصحابه. {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ} أي: بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، أو بالقرآن. {مِنَ الْأَحْزابِ} أي: من جميع الكفار وأصحاب الأديان المختلفة، فتدخل فيه اليهود، والنصارى، والمجوس، وعبدة الأوثان، وغيرهم. {فَالنّارُ مَوْعِدُهُ} أي في الآخرة لا محالة.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي يونس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«والّذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمّة، يهوديّ، ولا نصرانيّ، ثم يموت؛ ولم يؤمن بالّذي أرسلت به، إلاّ كان من أهل النّار».
{فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ}: فلا تكن في شك من الدين، أو من القرآن الذي أنزل إليك، أو من الموعد الذي وعده الله للكافرين من دخول النار. {إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} أي: ما ذكر هو الحق الذي لا ريب فيه، {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ}: لا يصدقون لقلة نظرهم، واختلال فكرهم.
{تَكُ}: انظر الآية رقم [١٠٩] الآتية، والخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم في قوله:{فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ..}.
إلخ مثله في الآية رقم [٩٤] من سورة (يونس){أَفَمَنْ}: انظر {أَفَلا} في الآية رقم [٢٤] الآتية.
الإعراب:{أَفَمَنْ}: الهمزة: حرف استفهام. الفاء: حرف استئناف. (من): اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ. {كانَ}: ماض ناقص، واسمه يعود إلى (من). {عَلى بَيِّنَةٍ}: متعلقان بمحذوف خبر: {كانَ} أي: مصاحبا لها. {مِنْ رَبِّهِ}: متعلقان بمحذوف صفة: {بَيِّنَةٍ،} والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة:{كانَ..}. إلخ صلة (من)، أو صفتها، والعائد أو الرابط رجوع اسم:{كانَ} إليها، وخبر المبتدأ محذوف، انظر تقديره في